هذا وقد نصّ الآبي في "شرح مسلم" - "مفصح عن مثل قضيتنا ومعلم-: (على أن الإمام إذا لم ينفذ في ناحية أمره جاز إقامة غيره فيها ونصره) ١، فانتظار نصرته يؤدي إلى الهلاك، كيف وقد تطاولت إليها الأعناق وتشوفت إليها من كل جانب العيون والأحداق، فأعرضنا عن الكل صفحاً وطوينا عنه الجواب كشحاً، مقبلين على عتبة باب سيّدنا- نصره الله- وسدّته، داخلين تحت طاعته، ملتزمين لخدمته متوافقين مع القبائل والأمصار، وأهل الرأي والاستبصار، لعلمنا أنّ سيّدنا- نصره الله- المتأهل في هذا الأمر العريق، الجدير بالإمامة الحقيق، كيف وقد ورثها كابراً عن كابر وإليه إنتهت المآثر والمفاخر، فنطلب من سيّدنا- نصره الله- أنّ يلتزم لنا بفضله من هذه البيعة القبول، مستشفعين بجاه جدّه الرسول- صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وصحابته المنتخبين وآخر دعوانا أنّ الحمد لله ربّ العالمين).
قال التُّسولي: (انتهى ما كتبه علماء ناحية الجزائر للسلطان المذكور، ولما وقف عليه- أيّده الله ونصره- قبل بيعتهم ودخولهم في إيالته، وخالف ما افتى به فقهاء فاس، فلما سئلت عن النازلة بعد قدومي من الغيبة- لأني كنت غائباً وقت فتوى فقهاء فاس فلم احضر معهم- دعاني الحال إلى أن قيدت في شأنها ما نصّه:
الحمد لله الباقي الذي لا يزول ولا يبيد، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد، الداعي إلى قتال كل جبار عنيد، وكفور صنديد، وعلى آله وأصحابه أولي السماحة والشجاعة، بلا مرية ولا تفنيد، وبعد:
فلا يخفى أنّ هؤلاء القوم اعترتهم فتنتان، فتنة فيما بينهم، وفتنة عدوّ الدين، وما يقال من وجوب العزل في الأولى يقال في الثانية بالأحرى، إذ وزان ذلك حرمة ضرب الوالدين المأخوذة من حرمة تأفيفهما بالفحوى، وقد أجمعت الأمة على أنّه إذا التقى ضرران ارتكب أخفهما، قال في