للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتسطير هذه الخطة ونشرها بين الناس، بل بادر بالتنقل والارتحال بشخصه في بعض البلاد مخاطباً إيّاها وحاثًّا لهم على الوقوف بوجه الأعداء وردّ كيدهم.

ونتيجة لذلك برزت الشخصية الجهادية للتّسولي وعرف أمرها وقدر الناس أهميتها، ومدى صدقها وقيامها على الفقه الإسلامي الدقيق المنبثق من الكتاب والسنة النبويّة، حتّى أنّ المولى عبد الرحمن بن هشام سلطان المغرب عندما وجّه إليه الأمير عبد القادر الجزائري مسائله في الجهاداً، انتدب الإمام التُّسولي للإجابة عنها، ممّا يدلّ على ثقة السلطان به واشتهاره لديه ونبوغه وعنايته بالجهاد ومسائله.

وممّا يظهر هذا ويبلوره أن الجزائريين بعد أن احتلّت بلادهم- وكان سلطانهم المولّى عليهم لا يقيم الإسلام ولا يحكم به- توجّهوا إلى سلطان المغرب عبد الرحمن بن هشام طالبين مبايعته، فاستشار فقهاء فاس- وكان التُّسولي غائباً ٢ - ، فأفتوا بعدم قبول مبايعتهم، فردّ عليهم فقهاء الجزائر وألزموهم الحجّة الشرعية ٣، فقبل مبايعتهم، وفور رجوع التّسولي من غيبته واطّلاعه على ما أفتوا به، تحركت نخوته الإسلامية، وفاضت مشاعره الجهادية، فكتب تقييداً في الردّ على فقهاء بلدته، والانتصار للموقف الشرعي الجهادي الذي اقتضاه الحال ٤.


١ - وهي موضوع هذه الأطروحة.
٢ - حيث أشار إلى ذلك في كتابه "الجواهر النفيسة فيما يتكرر من الحوادث الغربية": ١/ ٢٦٨ - أ، قوله: (ولما سئلت عن النازلة بعد قدومي من الغيبة لأني كنت غائباً).
٣ - أنظر: الكتاب الذي توجّه به أهل الجزائر إلى المولى عبد الرحمن في ردّهم على فتوى علماء فاس بعدم قبول مبايعتهم في الملحق رقم (٢) صفحة: ٤٧١ - ٤٧٣.
٤ - أنظر: ما قيده التُّسولي على فتوى علماء فاس- بعدم قبول مبايعة أهل الجزائر- وردّ علماء الجزائر عليهم في الملحق رقم (٢) صفحة: ٤٧٥ - ٤٧٦.

<<  <   >  >>