أول مسيحي وطئت قدمه أرض ذلك المكان. فعند ما دخلنا رأيت مظاهر الاحترام التي جرت العادة أن تقدم لمثل هذا الشيخ، ولكن كان يشوبها الشعور بقلق ربما كان سببه وجودي بينهم ثم فرش بساط جلس فوقه الشيخ ثم تكلم بكلام أدركت منه أنه يلقي عليهم موضوع مهمتي وأنه يأمرهم بمعاونتي على تأديتها.
فالمارستان مكان متسع رديء الموضع يسع في المتوسط مائة مريض وفيه في الوقت الحاضر سبعة وعشرون مريضا، وأربعة عشر مجنونا سبعة رجال وسبع نسوة. وفي المرضى كثير من العميان وأكثرهم مصاب بالسرطان وبعضهم أنهكته الأمراض العضالة المتروكة من غير علاج، وجميعهم من غير إسعاف سوى توزيع الغذاء عليهم وهو من الخبز والأرز والعدس وهم لا يتصورون أن في الإمكان تخفيف أوجاعهم، وهم بتركهم هكذا تحت رحمة الأقدار لم يعرفوا قط حتى أبسط الأدوية. ويقيم المجانين في ناحيتين منعزلتين في إحداهما ثماني عشرة حجرة للرجال وفي الأخرى ثماني عشرة للنساء. وقد رأيت الرجال مصابين بالبرد والمالنخوليا وأكثرهم مسنٌّ ورأيت فتى فقط كان في حالة هياج فكان يزأر كالأسد ثم انتقل فجأة إلى هدوء أعقبه ابتسام ودهشة. وحجر النساء ليست كلها محاطة بشبابيك الحديد