وكانت النسوة كلهن مصفدات ولكنهن غير مثبتات في الجدران كالرجال، وإحدى هاته النسوة وهي طاعنة في السن تقدمت نحوي حتى وسط الحوش وهي تبكي وتطلب إحسانا وكانت الأخيرات متحجبات حتى لم يمكن أن ألحظ شيئا من ملامحن. ووقف الذين اصطحبوني في كل مكان على باب هذه
الدايرة وكانت امرأتان تحرسان بابها الداخلي محجبتان على الدوام ومتجهتان بوجوههما إلى الجدار أثناء زيارتي وكانت هناك فتاة صغيرة جميلة قاعدة القرفصاء ووجهها وجسمها يكادان يكونان عاريين فلما لمحتني داخلا فرحت كثيرا وسلمت عليّ مرارا بحني رأسها ووضع يديها المغلولتين فوق صدرها وكانت تتكلم بنشاط، ولكني لم أفهم منها غير كلمة سنيور وكانت تعيدها مرارا ولكنها غريبة عن لسانها.
ولقد شككت في كونها مجنونة لأن ظلم الرجال كثيرا ما زج بالعقلاء في هذه المحال المحزنة.
على أن شكوك الطبيب وهو الذكي الفؤاد كان لها أساس من الصحة فقد علمنا بعد ذلك أن هذه الفتاة الشقية الحظ قد أطلق سراحها ولكن الذين زجوا بها في هذا المكان لم ينلهم عقاب.