ومن عجائب هذه الصناعة إذا عدم الذهب أن يعمل ما يقوم مقامه في التذهيب، فيؤخذ رطل عصفر فينشف في الشمس ثم يدق دقاً ناعماً ويسحق في مهراس ويجعل في خرقة شبه الراووق ويعلق ويصب عليه الماء العذب إلى أن يقطر ماؤه صافياً غير متغير، ثم يجعل في مئزر صوف وتعطف أطرافه عليه ويعصر من أطراف المئزر إلى أن لا يبقى فيه من مائه شيء، فإنه إن بقي من مائه شيء أفسده. ثم يمدّ على قطع ويخلط بوزن أربعة دراهم شب الصباغين، ويمرس بين الأيدي إلى أن تحمّر الأيدي احمراراً شديداً، ثم يعاد إلى الخرقة ويعتمد عليه باليد حتى تجتمع أجزاؤه. ثم ينقط عليه من الماء العذب قليلاً قليلاً وتجمع جوانبه إلى أن يقطر فاضله ويكون مقدار المأخوذ منه نصف قفيز أو أقل منه. فإذا أخذ الماء صب عليه من ماء الرمان الحامض مقدار أوقية أو خل خمر حاذق ويصعَّد ويُصَفَّى عنه الماء كلما قعد إلى أن يبقى جوهره، فيلقى عليه إذا صار في قوام العسل من
ماء الصمغ العربي الأحمر مقدار ثلث أوقية ثم يمدّ على بلاطة فإذا جف رفع إلى وقت الحاجة، فإذا أريد استعماله حُلَّ بالماء وشيء من الخل يسير، ويكتب به يجيء مليحاً.
وإذا أردته للتلويح على الفضة والقصدير فيجيء مثل الذهب يؤخذ النصف قفيز القاطر من الراووق من العصفر ويجعل في قدر نحاس، ويحمل على النار حتى يبقى الثلث، وتجربه على ظفرك فإن كان له قوام كالعسل وصار لونه ذهبياً تفقده وقت طبخه لئلا تزيد عليه النار فتغيره، فإن سرك في طبخه فارفعه في زبدية زجاج. فإذا احتيج إلى العمل به لصق من الفضة أو من القصدير ومسح عليه فإنه يجيء مثل الذهب. والله أعلم.