للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التنبيه السادس: وهذا أهم التنبيهات: اعلم أن الإمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا فصل أبو بكر الصديق بإجماع أهل الإسلام، وقد تفردت الشيعة بإنكار ذلك، (١) وقالوا الإمامة كذلك لعلي - رضي الله تعالى عنه -، وعند أهل الحق له بعد الثلاثة، ثم لابنه الحسن - رضي الله تعالى عنه -، والصلح لمصالح رآها وهو اللائق بذاته الكريمة لا لخوف من جند كما افترى المفترون. إذ قد ورد في كتب الشيعة خطبة يقول فيها «إنما فعلت ما فعلت إشفاقا عليكم» (٢) وقد ثبت في أخرى أوردها المرتضى وصاحب الفصول أنه قال لما انبرم الصلح بينه وبين معاوية «إن معاوية قد نازعني حقا لي دونه، فنظرت الصلح للأمة وقطع الفتنة. وقد كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمني وتحاربوا من حاربني، ورأيت أن حقن دماء المسلمين خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا صلاحكم» (٣) فهاتان الخطبتان تدلان على أن الصلح للمصلحة لا للعجز وعدم الناصر، والثانية أيضا تدل بالصراحة على إسلام الفريق الثاني، لأن المصالحة لأهل الكفر والردة لمخافة الفتنة لا تجوز، بل ترك قتالهم وغلبتهم هو الفتنة لقوله تعالى {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين له} وأيضا قد سبق ما كان يقوله الحسين في صلح الحسن، أفنسي أن الضرورات تبيح المحظورات. ثم إظهار الكراهة لخلاف المصلحة المعقولة للكارة لا تكون قبيحة، وأيضا الاختلاف بين أكابر الدين في المصالح المنجر إلى عدم الرضا لا يقدح في أحد الجانبين، فليحفظ. ثم لا يغتر بما يقوله أهل الزور على أهل السنة من أنهم يقولونه بخلافة معاوية بعد الشهيد، وحاشا وكلا بل هم يقولون


(١) قال ابن المطهر الحلي: «ذهبت الإمامية كافة إلى أن الإمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو علي بن أبي طالب - عليه السلام -، وقالت السنة إنه أبو بكر بن أبي قحافة ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب، وخالفوا المعقول والنقول ... »!!. نهج الحق: ص ١٧١ وانظر منهاج السنة النبوية.
(٢) ابن شهر آشوب المازندراني، مناقب آل أبي طالب: ٤/ ٣٥.
(٣) الإربلي، كشف الغمة: ١/ ٥٧١؛ وعنه المجلسي، بحار الأنوار: ٤٤/ ٦٤. وأخرج المرتضى رواية قريبة في تنزيه الأنبياء: ص ١٧١.