(في إبطال ما استدل به الرافضة على مذهبهم)(الآيات القرآنية)
وههنا كلام مفيد شريف، وبحيث رائق لطيف: اعلم أن الشيعة استدلوا على إثبات إمامة الأمير بلا فصل بدلائل كثيرة وتحقق بعد الفحص والتفتيش في كتبهم أن أكثرها قائمة في غير محل النزاع، وأنها مسروقة من أهل السنة. وتحقيق ذلك أن دلائلهم في هذا المطلب ثلاثة أقسام:
الأول الآيات والأحاديث الدالة على فضائل الأمير وأهل البيت، وقد استخرجها أهل السنة في مقابلة الخوارج والنواصب الذين تجاسروا على الأمير - رضي الله تعالى عنه - ونسبوا إليه ما هو بريء منه، وذكروها في معرض الرد عليهم. والشيعة قد أوردوا تلك الدلائل في إثبات إمامة الأمير - رضي الله تعالى عنه - بلا فصل، وقصدوا بذلك الرد على أهل السنة. ولما جاء المتأخرون وقد أخذوا من أهل السنة والمعتزلة شيئا من علم الأصول والكلام وحصل لهم نوع ما من الملكة والقدرة على الخصام، غيروا الأدلة التي كانت هدفا للاعتراضات والأسئلة وأصلحوها بزعمهم بعض المقدمات وزيادة ما اشتهوه من موضوع الروايات، وما دروا أن ذلك زاد في الفساد، وأبطل لهم المقصود والمراد، ورجعوا إلى ما فروا منه، ووقعوا فيما انهزموا عنه، وأكثر دلائلهم من هذا القبيل.
الثاني الدلائل الدالة على إمامة الأمير بكونه خليفة بالحق وإماما بالإطلاق في حين من الأحيان، وقد أقامها أيضا أهل السنة في مقابلة المذكورين المنكرين لإمامته، وما يستفاد منها إلا كون الأمير مستحقا للخلافة الراشدة بلا تعيين وقت ولا تنصيص باتصال زمانها بزمان النبوة أو انفصاله عنه. ولا ينبغي لأهل السنة أن يتصدوا لرد هذه الدلائل وجوابها فإنها عين مذهبهم.
الثالث الدلائل الدالة على إمامته بلا فصل مع سلب استحقاق الإمامة عن غيره من الخلفاء الراشدين، وهذه الحقيقة مختصة بمذهب الشيعة، وهم منفردون باستخراجها، وهي مخدوشة المقدمات كلها، بحيث يكذب مقدماتها الثقلان: الكتاب والعترة. فنحن نذكر في هذه الرسالة بعضها من القسمين الأولين، ونبين القسم الأخير بالاستيعاب والاستيفتاء، وننبه فيها على منشأ الغلط وموقعه لتعلم حقيقة دلائلهم.