للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقولون أيضا: لو ادعى أحد على عدوه بالزنا وليس عنده شهود على إثبات هذه الدعوى يحلف ولا يحد بالقذف؛ نص عليه شيخهم المقتول في (المبسوط). (١) مع أن الحلف لا اعتبار له في الحدود، ويجب حد القذف على مدعيه إذا عجز عن إقامة البينة، وكيف لا ينظر إلى العداوة التي هي سبب ظاهر للاتهام والكذب؟

[مسائل الشهادة والصيد والطعام]

ويقولون: تقبل شهادة الصبي غير البالغ في القصاص. (٢) مع أن الطفل ليس له أهلية الشهادة، لقوله تعالى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} ولا سيما باب القصاص الذي فيه إتلاف النفس.

ويقولون أيضا: صيد أهل الكتاب حرام، (٣) وذبيحة أهل السنة ميتة، (٤) وكذا ذبيحة من لم يستقبل القبلة عند الذبح. (٥) وكل ذلك مخالف لقوله تعالى {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين}.

ويقولون أيضا: لو اصطاد أحد بغير المعتاد من الآلة لا يصير الصيد مملوكا. (٦) مع أنه لا فرق بين الآلة المعتادة وغيرها.

ويقولون أيضا: إن لبن الميتة وما لا يؤكل من الحيوان حلال. (٧)

ويقولون أيضا: إن الخبز الذي عجن دقيقه بماء نجس طاهر؛ كما ذكر الحلي في (التذكرة). (٨)

وأيضا يقولون: إن الطعام الذي وقع فيه زرق الدجاج واضمحل فيه طاهر جائز أكله، (٩) وكذا لو طبخ المرق أو نحوه بماء الاستنجاء أو وقع شيء من زرق الدجاج، وكذا ماء الغدير الذي استنجى فيه كثير من الناس ووقع فيه دم حيض أو نفاس أو مذي وودي وبال فيه الكلب فإنه طاهر يجوز استعماله للشرب وطبخ شيء به، (١٠) وكذا إذا طبخ شيء بماء وكان قدر نصفه دم مسفوح أو بول حمار أو فرس. مع أن كل ذلك مخالف لقوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث}.

ويقولون أيضا: إن من كان جائعا ولو غنيا فنهب طعاما من مالكه الذي يطلب عليه أزيد من الثمن المتعارف فأكله جائز. (١١)


(١) هو عند الطوسي في كتابه المبسوط، نقلا عن الينابيع الفقهية: ٣٣/ ٢١٢.
(٢) حكموا بجواز شهادة الغلام إذا بلغ العشر سنين، ينظر: الكافي: ٧/ ٣٧٧؛ تهذيب الأحكام: ٦/ ٢٥١.
(٣) أخرج الكليني عن إسماعيل بن جابر قال: «قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: ما تقول في طعام أهل الكتاب؟ فقال: لا تأكله». الكافي: ٦/ ٢٦٤.
(٤) قال المفيد: «ولا تأكل من ليس على دينك في الإسلام». المقنعة: ص ٥٧١. ويعني بالدين من لا يعتقد مذهب الإمامية. وقال ابن حمزة: «وذبيحة الكافر والناصب حرام». الوسيلة: ص ٣٦١. ويقصد بالناصب أهل السنة.
(٥) أخرج الكليني عن محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر - عليه السلام - عن رجل ذبح ذبيحته فجهل أن يوجهها إلى القبلة؟ قال: كل منها، فقلت: فإنه لم يوجهها؟ قال: لا تأكل منها ... وقال - عليه السلام -: إذا أردت أن تذبح فاستقبل القبلة». الكافي: ٦/ ٢٣٣؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: ٩/ ٥٩.
(٦) الكيدري، إصباح الشيعة: ص ٣٧٨.
(٧) أخرج ابن بابويه عن زرارة عن أبي عبد الله قال: «سألته عن الأنفحة تخرج من الجدي الميت؟ قال: لا بأس به، قلت: اللبن يكون في ضرع الشاه وقد ماتت، قال: لا بأس به، قلت: والصوف والشعر وعظام الفيل والبيض يخرج من الدجاجة؟ فقال: كل هذا لا بأس به». من لا يحضره الفقيه: ٣/ ٣٤٢؛ الطوسي، تهذيب التهذيب: ٩/ ٧٦. مع أن الراويات عندهم عن الأئمة تعارض ذلك، حيث أخرج الطوسي عن علي - رضي الله عنه - أنه: «سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن؟ فقال - عليه السلام -: ذلك حرام». تهذيب الأحكام: ٩/ ٧٦؛ الاستبصار: ٤/ ٨٩. لكن حملها الطوسي على التقية لأنها توافق مذاهب العامة!
(٨) قال الطوسي في النهاية: «فإن استعمل شيء من هذه المياه النجسة في عجين يعجن به ويخبز لم يكن به بأس بأكل ذلك الخبز لأن النار قد طهرته». الينابيع الفقهية: ١/ ١٩٧.
(٩) روى الطوسي عن الزبير قال: «سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن البئر تقع فيه الفأرة أو غيرها من الدواب فتموت، فيعجن من مائها أيؤكل ذلك الخبز؟ قال: إذا أصابته النار فلا بأس به». تهذيب الأحكام: ١/ ٤١٣؛ من لا يحضره الفقيه: ١/ ١٤.
(١٠) لأن النار عندهم تطهر هذه النجاسات، قال الطوسي: «والنار تطهر كلما يكون في القدر من اللحم والتوابل والمرق إذا كانت تغلي، ووقع فيها مقدار أوقية دم أو أقل». النهاية: ص ٥٨٧.
(١١) (المحقق) الحلي، شرائع الإسلام: ٤/ ٤٥.