للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأولى منقوضة بالأنبياء عليهم السلام لأنهم قد قدح فيهم وطعن عليهم المبطلون، وكل ما يمنع تحقق العالم يمنع تحصل الخاص بالضرورة. والأخرى بمن سلم منها باتفاق الفريقين كابن عباس وأبي ذر وعمار وأمثالهم، وإذا دريت هذا فانظر أن الذين قالوا بإمامة الخلفاء الثلاثة وهم أهل السنة والمعتزلة لم يرووا من قوادحهم قط، بل قرر الشيعة بسبب بغضهم وعنادهم للخلفاء الثلاثة بعض الأشياء بطريق المطاعن والقوادح، ليست تلك الأشياء في الحقيقة محلا لطعن وقدح أصلا كما سيأتي في المطاعن، ولو كانت محلا لها لكانت على الأنبياء والأئمة أيضا مطاعن، بل من يطالع كتب الشيعة بالتأمل يجدها مملوءة بالمطاعن في الأنبياء والأئمة، وما قالوا من أن أحدا من الموافق والمخالف لم يرو ما يقدح في حق الأمير فخبط آخر، لأنهم إن أرادوا بالمخالف أهل السنة فلا يجدي لهم نفعا، فإن أهل السنة لما كانوا معتقدين بصحة إمامته لم يرووا قوادحه، وإن أرادوا به الخوارج وأمثالهم فكذب صريح فإنهم قد سودوا الدفاتر الطويلة والزبر الكثيرة في هذا الباب. (١) ومن جملة من ذكر المطاعن الأمير عبد الحميد المغربي الناصبي في كتابه، وقد دفع كثيرا منها ابن حزم من علماء أهل السنة في كتابه (الفصل) (٢) والشريف من علماء الشيعة في (تنزيه الأنبياء والأئمة) وأعرضنا عن ذكر تلك المطاعن والجواب عنها، لأن ذكرها مما لا يليق بنا في هذا الكتاب.

[تتمة لبحث الإمامة]

اعلم أن القدر المشترك في جميع فرق الشيعة المجمع عليه بينهم إنما هو كون الأمير - رضي الله تعالى عنه - إماما بلا فصل، وإمامة الخلفاء الثلاثة باطلة ولا أصل لها. وقد تبين بأوضح البيان إبطال أهل السنة عليهم هذا القدر المشترك، واتضح حق الاتضاح مخالفة هؤلاء الفرق كلهم في ذلك القدر بجميع وجوهه لنصوص الكتاب المجيد وأقوال العترة الطاهرة. وأما بعد هذا القدر المشترك فلهم اختلاف كثير فيما بينهم


(١) ولا سيما في مراثيهم لقتلى النهروان. والخوارج كانوا أصحاب علي وجنده في صفين والجمل.
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل: ٤/ ٢ وبعدها.