للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للبيعة فقلت: ألا أستحي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة، إني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل في الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا. فلما دفن رجع الناس يسألون البيعة فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه. ثم جاءت عزيمة فبايعت. قال: فقالوا «يا أمير المؤمنين» فكأنما صدع قلبي» (١)

وروى ابن السمان أيضا عن محمد بن الحنفية أن عليا قال يوم الجمل «لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل» وعنه أن عليا بلغه أن عائشة تلعن قتلة عثمان فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال «وأنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل» مرتين أو ثلاثا. (٢) إلى غير ذلك من أقوال أهل البيت وسائر الصحابة مما يدل على مزيد حبهم له وتأسفهم على مصيبته.

وهذا الكتاب لا يحتمل ذكر ذلك على سبيل التفصيل، وتأخير دفنه إلى ثلاثة ايام زور وبهتان كما يعلم مما ذكرنا من البيان. كيف وقد أجمع المؤرخون على أن شهادته - رضي الله عنه - بعد العصر يوم الجمعة لعشر خلون من ذي الحجة، ودفن في البقيع ليلة السبت - رضي الله عنه - وأرضاه، وجعل الغرف العالية مستقرة ومثواه، ونسأله تعالى أن يحشرنا في زمرتهم، ويميتنا على محبتهم.

[المطاعن الرابعة في حق أم المؤمنين وحبيبة حبيب رب العالمين عائشة الصديقة وزوج مفخر العوالم على الحقيقة]

منها أنها خرجت من المدينة إلى مكة (٣) ومنها إلى البصرة ومعها ما يزيد عل ستة عشر ألف رجل من العسكر. وقد قال تعالى في الأزواج المطهرات {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} فأمرهن بالسكون في البيوت، ونهاهن عن الخروج من بيوتهن. (٤)

والجواب أن الأمر باستقرارهن في البيوت والنهي عن الخروج منها ليس بمطلق، ولو كان مطلقا لما أخرجهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول الآية إلى الحج والعمرة


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك: ٣/ ١٠١.
(٢) أخرج الرواية أبي شيبة في مصنفه: ٧/ ٥٣٩؛ نعيم بن حماد، الفتن: ١/ ١٧١؛ الإمام أحمد، فضائل الصحابة: ١/ ٤٥٥؛ ابن عساكر، تاريخ دمشق: ٣٩/ ٤٥٥.
(٣) لقد خرجت - رضي الله عنها - من المدينة إلى مكة حاجة بيت الله الحرام عند اشتداد فتنة البغاة على أمير المؤمنين وقبيل شهادته.
(٤) ابن طاوس، الطرائف: ١/ ٢٩١.