للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسائل الصوم والاعتكاف]

يحكمون بفساد الصوم بانغماس الصائم في الماء، مع أن م (١) فسداته إنما هي الأكل والشرب والجماع بالإجماع. ولهذا قد رجع عن هذه المسألة جمع منهم واختاروا عدم الفساد لصحة الأثار بخلافها. (٢)

والعجب أن الصوم لا بفسد عند هم بالإيلاج في دبر الغلام على مذهب اكثرهم، (٣) وقد روى عن الأئمة خلافه. (٤) أجمع الأمة كلهم على أن كل ما يوجب الإنزال مفسد للصوم سوء كان الوطء في القبل أو الدبر.

وأيضا يجوز عند بعضهم أكل جلد الحيوان للصائم ولا ضرر لصومه، وقال بعضهم أكل أوراق الأشجار لا يفسد الصوم، وقال بعضهم لا يضر الصوم أكل ما لا يعتاد أكله، (٥) ومع هذا لو انغمس في الماء يجب عليه القضاء والكفارة معا وإن لم يدخل شيء من الماء في حلقه وأنفه. (٦) سبحان الله أى إفراط وتفريط هذا؟

وأيضا يقولون: يستحب صوم عاشوراء من الصبح إلى العصر دون الغروب. (٧) مع أن الصوم ليس متجزئا في شريعة أصلا، بل يفسد جزء منه لقوله تعالى {ثم أتموا الصيام إلى الليل}.

وأيضا يقولون: صوم اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة مؤكدة، (٨) مع أن كلا من النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة لم يصوموا في هذا اليوم بالخصوص ولم يبينوا ثوابه. (٩)

وأيضا يقولون: لا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد أقام الجمعة فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الوصي، (١٠) وهذا مخالف لقوله تعالى {وأنتم عاكفون في المساجد}. ويحرمون استعمال الطيب للمعتكف، (١١) مع أنه مسنون بالإجماع لمن يدخل المسجد.


(١) وعليه إجماع الطائفة كما قرر الطوسي في النهاية: ص ١٣١؛ والطباطبائي في العروة الوثقى: ٢/ ٢٠٠.
(٢) قال الطوسي بعد إيراده الأخبار المتناقضة عن الأئمة في كتب الطائفة: «يجوز الحمل على التقية، أو أنه يختص بإسقاط القضاء والكفارة، وإن كان الفعل محظورا ... ولست أعرف حديثا في إيجاب القضاء والكفارة أو إيجاب أحدهما على من ارتمس في الماء». الاستبصار: ٢/ ٨٥. قال الحلي: «واختاره ابن إدريس وهو مذهب ابن أبي عقيل ... » ثم قال: «والأقرب عندي أنه حرام غير مفطر ولا يوجب شيئا». مختلف الشيعة: ٣/ ٤٠١.
(٣) لأن الرجل إذا أولج في الدبر ثم أنزل فلا غسل عليه بإجماع الطائفة، وينسبون الروايات في ذلك إلى الأئمة، روى الطوسي بإسناده عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: «في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي صائمة؟ قال: لا ينقض صومها وليس عليها غسل». تهذيب الأحكام: ٤/ ٣١٩؛ العاملي، وسائل الشيعة: ٢/ ٢٠٠.
(٤) روى الكليني عن أبي جعفر أنه قال: «في الرجل يعبث بأهله في نهار رمضان حتى يمني قال: إن عليه الكفارة مثل ما على الذي يجامع». الكافي: ٤/ ١٠٢؛ تهذيب الأحكام: ٤/ ٢٠٦.
(٥) الطباطبائي، العروة الوثقى: ٢/ ٢٠٠؛ فقه الخوئي: ١٢/ ٦٨.
(٦) أخرج الحر العاملي عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: «سألت أبا عبد الله - عليه السلام - هل يدخل الصائم رأسه في الماء؟ قال: لا ولا المحرم». الوسائل: ١٢/ ٥٠٩. وينظر الطوسي، النهاية: ص ١٣٢؛ فقه الخوئي: ١٢/ ١٥٧.
(٧) عندهم عن عبد الله بن سنان قال: «سألت أبا عبد الله عن صيام عاشوراء، فقلت: ما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوم صوم كاملا، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة ماء ... ». أخرجه العاملي، وسائل الشيعة: ١٠/ ٤٥٩.
(٨) يسمونه عيد الغدير، روى العاملي تحت عنوان: (استحباب صوم يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة)، وينسبون للصادق قوله: «صيام يوم غدير خم يعدل عند الله عز وجل في كل عام مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات وهو عيد الله الأكبر». وسائل الشيعة: ١٠/ ٤٤٢. والرواية عند الطوسي في تهذيب الأحكام: ٣/ ١٤٣.
(٩) كيف يكون صومه سنة والسنة لا تكون إلا عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، والنبي لم يفعله ولا أحد من الأئمة الذين يزعم الشيعة أنهم شيعة لهم.
(١٠) قال ابن بابويه: «اعلم أنه لا يجوز الاعتكاف إلا في خمسة مساجد: في المسجد الحرام ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومسجد الكوفة ومسجد المدائن ومسجد البصرة، والعلة في ذلك أنه لا يعتكف إلا في مسجد جامع جمع فيه إمام عدل». المقنع: ص ٧١؛ المرتضى، الانتصار: ص ٩٦.
(١١) قال الطوسي: «وعلى المعتكف أن يتجنب ما يتجنبه المحرم من النساء والطيب والكلام الفاحش والمماراة والبيع والشراء ولا يفعل شيئا من ذلك». النهاية: ص ١٦٧؛ الحلي، مختلف الشيعة: ٣/ ٥٨٩؛ العاملي، اللمعة الدمشقية: ٢/ ١٥٧.