للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و (المبسوط) (١) مع أن روايات الأئمة وردت عندهم بخلاف هذا الحكم ولم تفرق بين الليل والنهار. روى محمد بن بابويه في الصحيح عن أحدهما أنه قال «المكاري والملاح إذا جد بهما سفر فليقصرا». (٢) وروى محمد بن مسلم (٣) عن الصادق نحوه. (٤)

وأيضا يخصصون القصر في صلاة السفر بالأسفار الأربعة: السفر إلى المسجد الحرام، وإلى طيبة المنورة، وإلى الكوفة، (٥) وإلى كربلاء. (٦) وهذا عند الجمهور. وأما المختار لجمع منهم المرتضى فهو أن جميع مشاهد الأئمة لها هذا الحكم، (٧) مع أن نص الكتاب {وإذا ضربتم في الأرض} الآية وقع مطلقا، وكان الأمير أيضا يقصر صلاته في جميع أسفاره. والرواية المذكورة عن ابن بابويه دالة أيضا على الإطلاق.

وأيضا يحكمون بترك الجمعة في غيبة الإمام (٨) بل بزعمهم أهل أخبارهم أنها حرام (٩) وقد قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} الآية من غير تقييد فيها بحضور الإمام.

وأيضا يجوزون للمرء أن يشق جيبه وثوبه في عزاء الأب والابن والأخ، (١٠) وللمرأة مطلقا على كل ميت. (١١) مع أن الصبر في جميع الشرائع واجب في المصائب، والجزع حرام. (١٢) وقد وقع في الأخبار الصحيحة «ليس منا من حلق وسلق وخرق» (١٣) وأيضا ورد «ليس منا من شق الجيوب ولطم الخدود» (١٤) وورد «من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا». (١٥)


(١) ينظر الحلي في شرائع الإسلام: ١/ ١٠١؛ وابن إدريس في السرائر: ١/ ٢٤٦.
(٢) الطوسي، تهذيب الأحكام: ٣/ ٢١٥؛ العاملي، وسائل الشيعة: ٨/ ٤٩١.
(٣) في المطبوع والسيوف المشرقة (عبد الملك بن مسلم) والتصحيح من كتب الإمامية.
(٤) الطوسي، تهذيب الأحكام: ٣/ ٢١٥؛ العاملي، وسائل الشيعة: ٨/ ٤٩١.
(٥) أي إلى المشهد المنسوب إلى علي. وقد تقدم الكلام عن فضل الكوفة عند الإمامية. وينظر العاملي في وسائل الشيعة: ٥/ ٢٤٨ وما بعدها والنوري في المستدرك: ٣/ ٣٩٦.
(٦) ويروون عن الأئمة الكثير في فضل كربلاء وزيارتها، وبوب الطوسي بابا بعنوان: (باب حرم الحسين - عليه السلام - وفضل كربلاء وفضل الصلاة عند قبره وفضل التربة وما يقال عند أخذها وفضل التسبيح منها وما يجب على زائريه أن يفعلوه) ثم ساق روايات كثيرة منها ما رواه عن الباقر أنه قال: «خلق الله كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام وقدسها وبارك عليها، فما زالت قبل أن يخلق الله الخلق مقدسة مباركة ولا تزال كذلك وجعلها الله أفضل الأرض في الجنة». تهذيب الأحكام: ٦/ ٧٢؛ وينظر ما كتبه ابن قولويه القمي في كامل الزيارات: ص ٢٥٦.
(٧) قال زين الدين العاملي: «فيتعين القصر إلا في أربعة مواطن: مسجدي مكة والمدينة المعهودين ومسجد الكوفة والحائر الحسين ... ». ويعني بالأخير (كربلاء) ثم قال: «وألحق بعضهم به مشاهد الأئمة». اللمعة الدمشقية: ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤؛ والرأي نفسه للحلي في قواعد الأحكام: ص ٨٣.
(٨) أي في السرداب، فليس عليهم جمعة من ألف سنة وإلى يوم القيامة.
(٩) قال الطباطبائي عن صلاة الجمعة: «وفي زمان الغيبة مستحبة جماعة وفرادى، ولا يشترط فيها شرائط الجمعة». العروة الوثقى: ١/ ٧٤٢؛ وينظر ما قاله زين الدين العاملي، اللمعة الدمشقية: ١/ ٣٠١.
(١٠) أخرج العاملي تحت باب (كراهة الصياح على الميت وشق الجيوب على غير الأب والأخ والقرابة). ثم أورد روايات عن أكثر من إمام أنه قد شق ثوبه. وسائل الشيعة: ٣/ ٢٧٣ وما بعدها.
(١١) وهذا من أكثر العادات انتشارا بين نسائهم اليوم، فاللطم وشق الجيوب وسيلة للتقرب إلى الله عندهم خاصة في يوم عاشوراء.
(١٢) رووا عن الصادق أنه قال: «لا ينبغي الصياح على الميت ولا تشق الثياب». وسائل الشيعة: ٣/ ٢٧٣.
(١٣) أخرجه مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق». قال النووي: «الصلق والسلق: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة هي التي تحلق شعرها والخرق هو شق الثوب عند المصيبة»
(١٤) متفق عليه. وأخرجه من الإمامية العاملي، مسكن الفؤاد: ص ١٨٠؛ النوري، مستدرك الوسائل: ٢/ ٤٥٢.
(١٥) أخرجه أحمد وهو في صحيح الجامع برقم ٥٦٧. قال المناوي: «أي قولوا له: اعضض بهن أبيك أو بذكره، ولا تكنوا عنه بالهنّ تنكيرا وزجرا». فتح القدير: ١/ ٣٥٧. وأخرجه من الإمامية المجلسي في بحار الأنوار: ٣٢/ ٩١؛ وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ١٣/ ١٥٠.