للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما قيل، ونظيره ما أخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي عن الحسن أن أناسا من الصحابة - رضي الله عنه - ذهبوا يتطرقون، (١) فقتل واحد منهم رجلا قد فر وهو يقول: إني مسلم، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غضبا شديدا ولم يقتل القاتل. (٢) وكذا قتل أسامة - رضي الله عنه - فيما أخرجه السدي رجلا يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلامه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جدا ولم يقبل عذره وقال له: كيف أنت ولا إله إلا الله؟ ونزل قوله تعالى {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} الآية. (٣)

وأجاب آخرون بأن العلماء اختلفوا في أنه هل يجب على الحاكم القصاص إذا لم يطلبه الولي أم لا؟ ولعل الأمير كرم الله تعالى وجهه ممن لا يرى الوجوب بدون طلب ولم يقع. وروي أيضا أن الأمير - رضي الله عنه - قال لما جاءه عمر بن طلحة بعد موت أبيه «مرحبا بابن أخي، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين}» (٤) وهذا ونحوه يدل على أنهما رضي الله تعالى عنهما لم يذهبا إلا طاهرين متطهرين.

[(وقعة صفين)]

وأما تلخيص الواقعة الثانية فقد ذكر المؤرخون أن معاوية - رضي الله عنه - كان قد استنصره ابنا عثمان - رضي الله عنه - ووكلاه في طلب حقهما من قتلة أبيهما، فلما بلغه فراغ علي كرم الله تعالى وجهه من وقعة الجمل ومسيره إلى الشام خرج عن دمشق حتى ورد صفين في نصف المحرم فسبق إلى سهولة المنزل وقرب من الفرات، فلما ورد الأمير - رضي الله عنه - دعاهم إلى البيعة فلم يفعلوا، وطلبوا منه قتلة عثمان - وكانوا قد انحازوا


(١) الطارق: كل آتٍ بليل. النهاية: ٣/ ١٢١.
(٢) سنن البيهقي: ٩/ ١١٦؛ ابن كثير، التفسير: ١/ ٥٤٠.
(٣) ضعف هذه الرواية ابن كثير في تفسيره: ١/ ٤٣٩.
(٤) ابن أبي شيبة، المصنف: ٧/ ٥٤٤؛ نعيم بن حماد، الفتن: ١/ ٨٨؛ البيهقي، الاعتقاد: ص ٣٧٣.