للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيين وأفضل سائر عبداه المخلصين والمقتفين لآثار جدهم سيد المرسلين، فلا يمكن صدور الكذب عنهم، فعلم أنهم بريئون مما ترويه عنهم تلك الفرق المضلة بعضهم بعضا، بل قد وضعها كل فرقة من هذه الفرق ترويحا لمذهبهم. ولذا وقع فيها التخالف. قال تعالى {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.

[(اختلاف أهل السنة)]

وأما الاختلاف الواقع عند أهل السنة فليس كذلك لوجهين:

الأول: أنه اختلاف اجتهادي، فإنهم يعلمون من زمن الصحابة إلى زمن الفقهاء الأربعة أن كل عالم مجتهد ويجوز للمجتهد العمل برأيه المستنبط من دلائل الشرع فيما ليس فيه نص. واختلاف الآراء طبيعي لنوع الإنسان، وليس ذلك اختلاف الرواية حتى يدل على الكذب والآفتراء.

الثاني: أن اختلافهم كان في فروع الفقه لا في أصول الدين، واختلاف الفروع للأجتهاد جائز فلا يكون دليلا لبطلان المذهب، وذلك كاختلاف المجتهدين من الإمامية في المسائل الفقهية كطهارة الخمر ونجاسته وتجويز الوضوء بماء الورد وعدمه.

ولننبهك على كيفية أخذ الشيعة من أهل البيت، فاعلم أن الغلاة - وهم أقدم من جميع الفرق الشيعية وأضلهم - قد أخذوا مذهبهم عن عبد الله بن سبأ حيث موه عليهم قصدا لإضلالهم أنه أخذ ذلك عن الأمير كرم الله تعالى وجهه، وزعمت المختارية والكيسانية أنهم قد أخذوه عن الأمير والمحسنين وعن محمد بن علي وعن أبي هاشم ابنه، والزيدية عن الأمير والحسنين، وزين العابدين وزيد بن على ويحيى بن زيد، والباقرية عن خمسة أعني الأمير إلى الباقر، والناووسية عن هؤلاء الخمسة والإمام الصادق، والمباركة عن هؤلاء الستة وإسماعيل بن جعفر، والقرامطة عن هؤلاء السبعة ومحمد بن إسماعيل، والشميطية عن هؤلاء الثمانية ومحمد بن جعفر وموسى وعبد الله وإسحاق أبناء جعفر، والمهدية عن اثنين وعشرين وهم كانوا يعتقدون أن جميع سلاطين مصر والمغرب الذين خلوا من نسل محمد الملقب بالمهدي