للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسائل الزكاة]

يقولون: لا تجب الزكاة في التبر من الذهب والفضة. (١)

وأيضا يقولون: لو كان عند رجل في ملكه نقود كثيرة مسكوكة واتخذ منها الحلي أو آلات اللهو سقط عنه زكاتها، (٢) وإن احتال بهذا قبل يوم من حولان الحول. (٣)

وكذلك تسقط زكاة تلك النقود إذا كسد رواجها في هذه المدة وراجت نقود أخر مكانها (٤). فليتأمل في مخالفة هذه المسائل لقوله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} وحيثما ذكر وجوب الزكاة في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة جاء بلفظ الدراهم والدنانير الرائجة في الوقت. (٥)

وأيضا يقولون لا تجب الزكاة في أموال التجارة مالم تصر نقدين بعد التبدل والتجول. (٦)

وأيضا يحكمون بعدم وجوب الزكاة في مال رجل أو امرأة ملكه وجعله اثاثا لنفسه أو اشترى به متاعا بنية الاكتساب أو الزينة وجعلها أثاثا أو بالعكس، (٧) وقد قال الشارع «أدوا زكاة أموالكم» (٨) ولا شبهة في كون هذه الأشياء مالا.

وأيضا يحكمون باسترداد المزكي مال الزكاة من المستحق إذا زال فقره بعد ما تملكه وتصرف فيه، (٩) مع أن الصدقات لا تسترد ولا يصح الرجوع عنها بعد القبض، وأخذ مال الغير بدون إجازته لا يجوز في الشريعة اصلا، والاستحقاق لأخذ الزكاة شرط في وقت الأخذ لا في تمام عمره.

[مسائل الحج]

يقولون: لو ملك رجل مالا يحصل به الزاد والرحلة ونفقة العيال مدة الذهاب والإياب ولكن يظن أنه إذا رجع من الحج إلى البيت لا يكفيه نفقته أكثر من شهر واحد لا يحب عليه الحج، نص عليه أبو القاسم (١٠) في (الشرائع) وغيره. وقد أوجب الشارع الحج على من يستطيع إليه سبيلا، وهو الاستطاعة بالزاد والراحلة ونفقة العيال في مدة الذهاب والرجوع وصحة البدن وأمن الطريق فقط، فانصرام النفقة بعد المجيء لا يوجب نقصا في معنى الاستطاعة إذ ظاهر أن كلا من العقلاء المستطيعين يقوم بوجه معاشه ولا يضيع عمره في البطالة، وعلى هذا يمكن أن يكتسب معاشه بعد قدومه إلى بيته ولا يكون


(١) روى الكليني عن الصادق والكاظم أنهما قالا: «ليس على التبر زكاة، إنما هي على الدنانير والدراهم». الكافي: ٣/ ٥١٨؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: ٤/ ٧.
(٢) قال العاملي: «أما النقدان فيشترط فيهما النصاب والسكة، وهي النقش الموضوع للدلالة على المعاملة الخاصة بكتابة وغيرها، وإن هجرت فلا زكاة في السبائك والممسوح، وإن تعومل به ... ولو اتخذ المضروب بالسكة آلة للزينة وغيرها لم يتغير الحكم .. ». اللمعة الدمشقية: ٢/ ٣٠؛ وقريب منه ما قاله الطباطبائي، العروة الوثقى: ٢/ ٣٧٣.
(٣) في (صحيح) علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى أنه قال: «لا تجب الزكاة فيما سبك فرارا به من الزكاة، ألا ترى أن المنفعة قد ذهبت فلذلك لا تجب الزكاة». وسائل الشيعة: ٩/ ١٦٠. وأخذ به معظم علمائهم، قال المفيد: «إذا صيغت الدنانير حليا أو سبكت سبيكة لم يجب فيها زكاة، ولو بلغت الوزن مائة وألفا وكذلك زكاة في التبر قبل أن تضرب دنانير». المقنعة: ص ٣٣٢.
(٤) تقدم قول العاملي « ... وإن هجرت فلا زكاة ... » ويعني إن لم تعد تلك الدنانير الذهبية متداولة بين الناس. اللمعة الدمشقية: ٢/ ٣٠.
(٥) قال الخوئي: «والخالص من تلك المواد [أي الذهب والفضة] لا زكاة فيهما». فقه الخوئي: ٢٨/ ٢٣٩.
(٦) العاملي، اللمعة الدمشقية: ٢/ ٣٧؛ الطباطبائي، العروة الوثقى: ٢/ ٣٠٤.
(٧) لا يرون الزكاة في عروض التجارة. ينظر ابن المطهر الحلي، قواعد الأحكام: ص ٩١.
(٨) أخرجه الترمذي وابن حبان والحاكم. وهو عند الإمامية حيث أورده العاملي عن أبي إمامة في وسائل الشيعة: ١/ ٢٣.
(٩) العروة الوثقى: ٢/ ٣٥٤.
(١٠) هو أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن علي ابن المطهر المعروف عند الإمامية بالمحقق الحلي. وقد ذكر في كتابه شروط الحج فقال: «أن يكون له ما يمول عياله حتى يرجع، فاضلا عما يحتاج إليه، ولو قصر ماله عن ذلك لم يجب عليه». شرائع الإسلام: ١/ ٣٦١. ونقل المرتضى الإجماع عليه، الناصريات: ص ١٠٥، ابن زهرة، الغنية: ص ٨٦.