للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحبة وعميق المحبة لدلع أفعوان القلم لسانه الطويل. فقف عند مقدارك، فما أنت وإن بلغت الثريا إلا دون ثرى نعال أولئك. نعم يلزمك أن تقول: إن الحق فيما وقع كان مع زوج البتول. انتهى ما قال، عليه رحمة المتعال. وهو كلام موجز يغني عن المطولات، ويكفي عن كثير من العبارات.

هذا واعلم أن ظهور هذا اللقب (١) كان عام سبع وثلاثين من الهجرة والله تعالى أعلم.

[(الشيعة التفضيلية)]

الفرقة الثانية الشيعة التفضيلية: وهم عبارة عن الذين يفضلون الأمير كرم الله وجهه على سائر الصحابة من غير إكفار واحد منهم ولا سب ولا بغض، كأبي الأسود الدؤلي الذي اشتهر - وهو الأصح بل الصحيح - أنه واضع النحو بأمر باب مدينة العلم كرم الله تعالى وجهه، وكتلميذه أبي سعيد يحيى بن يعمر أحد قراء البصرة، وكسالم بن أبي حفصة راوي الحديث عن الإمامين الباقر وابنه الصادق - رضي الله تعالى عنهما -، وكعبد الرزاق صاحب المصنف في الحديث، وكأبي يوسف يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكيت صاحب (إصلاح المنطق) في اللغة وكخلق آخرين، ولبعض متأخري الصوفية قدست أسرارهم كالفاضل الجامي كلمات ترشح بالتفضيل، وانسلاكهم في هذا القبيل، وكثير من العلماء يصرفها عن ذلك صيانة لأولئك الأجلة عن أن ينسب إليهم الابتداع (٢) والانخزال عن «الشيعة المخلصين» من الأتباع. وقد ظهرت هذه الفرقة بعد الأولى بنحو عامين أو ثلاثة، وصح أن الأمير كرم الله تعالى وجهه أحس أيام خلافته بقوم يفضلونه على الشيخين، فكان ينهى عن ذلك حتى قال «لئن سمعت أحدا يفضلني على الشيخين - رضي


(١) أي لقب «الشيعة»
(٢) عبد الرحمن الجامي واقع في الابتداع من ناحية قوله بوحدة الوجود. قبل أن يقع فيه من ناحية نصبه نفسه قاضيا للحكم على سادة الأمة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، - رضي الله عنهم - وألهمنا معرفة أقدار انفسنا.