للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(البابية)]

ثم قال عليه الرحمة: وقد ظهرت أيضا طائفة أخرى يقال لها البابية، (١) وهم أصحاب ميرزا علي محمد الملقب بالباب، والباب واحد الأبواب، وهم أحد الأقسام السبعة لمن لا بد منه في بناء المذهب: الأول (الإمام) الذي يصل إليه علم الغيب بلا واسطة، والثاني (الحجة) الذي يقرر علم الإمام على وفق مذاق المخاطبين وقدر عقولهم وفهومهم بالبرهان والخطابة، الثالث (ذو المصة) الذي يمتص العلم من ثدي الحجة، الرابع الأبواب ويقال لهم الدعاة ولهم مراتب، وأكبرهم من يرفع درجات المؤمنين عند الإمام والحجة، وهذا الأكبر هو رابع السبعة، الخامس (الداعي المأذون) الذي يأخذ العهود والمواثيق من الناس ويفتح للطالب باب العلم والمعرفة، السادس (المكلَّب) الذي شأنه البحث والاحتجاج والترغيب في صحبة الداعي وليس له الإذن بالدعوة، وسمي بذلك على التشبيه بالكلب المعلََّم. السابع (المؤمن المتبع) الذي يؤمن بالإمام بمساعي المكلَّب والداعي.

ثم قال عليه الرحمة: وقد أظهر هذا الباب شنائع كثيرة، منها زعمه ارتفاع فرضية الصلوات الخمس، وأنه سترفع فرضية الحج، وأنه يوحى إليه. وألف كتابا زعم أنه تفسير سورة يوسف، مع أنه ليس فيه تفسير شيء من آياتها، وقد حشاه هذيانات، وحرّف فيه آيات، وزعم التحدي به، وذكر فيه أنه تحرم كتابته بالحبر الأسود المعروف، وأنه يحرم مسه لغير متظهر، إلى أمور أخرى شنيعة ينكرها عليه سائر الشيعة. وقد أرسل بعض دعاته بكتابه إلى قصبة كربلاء فزمر فيها بنغم شنائع تؤد أذن المؤمن من لو كانت عنها صماء، فرقص على زمره في المقام الحسيني جملة من جهلة شيعة العراق، وصبا إليه غير واحد من ذوي الشقاء والشقاق.

فلما سمعت عرضت ذلك لوزير الزوراء، فانتهض لإطفاء تلك الثائرة بهمته الشمّاء، وعَقدَ لحل ما عُقِدَ من المحنة مجلسا عظيما فيه علماء الاثني عشرية وعلماء أهل السنة، فكنت أنا والحمد لله تعالى المباحث ذلك الداعي إلى مهاوي الحَيْن، فلم يتفرق ذلك الجمع حتى أجمع على كفر تلك الفرقة علماء الفرقتين، فكتبوا بذلك محضرا للدولة العلية العثمانية، فبعد أيام حضر الأمر بنفي ذلك الداعي إلى


(١) اشتهرت كلمة البابية عندما ادعى علي الشيرازي أنه باب العلم الإلهي وسمى نفسه بالباب سنة ١٢٦٠هـ/١٨٤٤م، وتقول البابية إن آخر مبشر به بعد الأنبياء والرسل رجلان عالمان وهما الشيخ أحمد الأحسائي والسيد كاظم الرشتي. دائرة المعارف الإسلامية: ٣/ ٢٢٧؛ تاريخ البابية: ١١٥.