للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنبياء والأئمة وجه، وهذا أحد محملين لما أخرجه عند بن حميد عن الحسن أنه قال: التقية جائزة إلى يوم القيامة. (١) والثاني حمل التقية على ظاهرها وكونها جائزة إنما هو على التفصيل الذي ذكرناه. وإنما ذكرت لك ما ذكرت، وحررت في هذا المقام ما حررت، من الدلائل القطعية والبراهين الجلية، لينقطع عرق التقية التي هي أساس مذهب الشيعة وعماد كل قبيحة وشنيعة.

[(الأنبياء وولاية علي)]

ومن تعصباتهم انهم يقولون إن الله تعالى أرسل جميع الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام لولاية علي. (٢) وكان علي من جميع الأنبياء سرا، ومع نبينا - صلى الله عليه وسلم - جهرا، كما رواه ابن طاوس وغيره. (٣) وانه لولا علي لم تخلق الأنبياء كما رواه ابن المعلم عن محمد بن الحنفية. (٤) وأن درجة علي فوق درجة الأنبياء والرسل يوم القيامة، (٥) وأنهم يحشرون مع شيعته، (٦)

وأنهم متدينون بمحبته كما رواه ابن طاوس أيضا. (٧) ومن اعتقد خلاف ذلك فهو كافر بزعمهم. وأنت تعلم أن هذا مخالف لجميع الشرائع، وبداهة العقل، وآيات الكتاب. (٨) نسأل الله تعالى السلامة من مثل هذه العقائد الباطلة لدى أولي الألباب.

ومن تعصباتهم أنهم يقولون: إن الله تعالى قد أمر الكرام الكاتبين يوم قتل عمر أن يرفعوا الأقلام ثلاثة أيام عن جميع الخلائق فلا يكتبون ذنبا على أحد، كما رواه علي ابن مظاهر الواسطي عن أحمد بن إسحاق القمي عن العسكري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما حكاه عن ربه جل جلاله. (٩) ولا يخفى كذب هذه الرواية وبطلانها، إذ يلزم أن من زنى بأمه أو سب الأمير أو عبد الأوثان في تلك الأيام ومات فيها دخل الجنة بلا حساب وفاز بالنعيم


(١) ابن أبي شيبة، المصنف: ٦/ ٤٧٤، قال ابن حجر ورواه عبد بن حميد في تفسيره. تغليق التعليق: ٥/ ٢٦١.
(٢) أخرج الصفار في باب (ما خص به الأئمة من آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من ولاية الأنبياء لهم في الميثاق وغيره وما علموا من ذلك) عن محمد بن الفضل عن أبي الحسن قال: «ولاية علي مكتوب في جميع صحف الأنبياء ولن يبعث نبيا إلا بنبوة محمد وولاية وصيه علي - عليه السلام -». بصائر الدرجات: ص ٧٢.
(٣) روى البرسي قال: «إن فرعون لعنه الله لما لحق هارون بأخيه موسى دخلا عليه يوما وأوجسا خيفة منه، فإذا فارس يقدمهما ولباسه من ذهب وبيده سيف من ذهب، وكان فرعون يحب الذهب، فقال لفرعون: أجب هذين الرجلين وإلا قتلتك، فأنزعج فرعون لذلك وقال: هذا إلى غد، فلما خرجا دعا البوابين وعاقبهم، وقال: كيف دخل عليّ هذا الفارس بغير إذن؟ فحلفوا بعزة فرعون أنه ما دخل إلا هذان الرجلان، وكان الفارس مثال علي - عليه السلام - هذا الذي أيد الله به النبيين سرا وأيد به محمد - صلى الله عليه وسلم - جهرا، ألا أنه كلمة الله الكبرى التي أظهرها لأوليائه فيما يشاء من الصور، فينصرهم بها وبتلك الكلمة يدعون الله فيجيبهم وينجيهم، وإليه الإشارة بقوله: {ويجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا}، قال ابن عباس: كانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس». تفسير البرهان: ٤/ ٢٢٧؛ المشهدي، كنز الدقائق: ١٠/ ٦٩.
(٤) الروايات كثيرة منها ما رووا عن محمد بن الحنفية قال: «قال أمير المؤمنين - عليه السلام - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... أنا سيد الأنبياء وأنت سيد الأوصياء وأنا أنت من شجرة واحدة، لولانا لم يخلق الجنة ولا النار ولا الأنبياء ولا الملائكة ... ». القمي، كفاية الأثر: ص ١٥٦؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٣٦/ ٣٣٧.
(٥) الروايات كثيرة منها ما روى ابن شاذان عن أبي ذر قال: «نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى علي بن أبي طالب - عليه السلام - فقال: هذا خير الأولين وخير الآخرين من أهل السماوات وأهل الأرضين، هذا سيد الصديقين وزين الوصيين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين إذا كان يوم القيامة جاء على ناقة من نوق الجنة قد أضاءت القيامة من ضوئها على رأسه تاج مرصع بالزبرجد والياقوت، فتقول الملائكة هذا ملك مقرب ويقول النبيون هذا نبي مرسل، فينادي منادٍ من بطنان العرش هذا الصديق الأكبر وصي حبيب الله، هذا علي بن أبي طالب - عليه السلام - فيقف على ظهر جهنم فينجي منها من يحب ويدخل فيها من لا يحب ويأتي أبواب الجنة فيدخل فيها أولياءه وشيعته من أي باب أرادوا بغير حساب». مائة منقبة: ص ٨٨ - ٨٩.
(٦) ويزورون قبره ويوالونه؛ روى ابن قولويه القمي عن إسحاق بن عمار قال: «سمعت أبا عبد الله يقول: ليس نبي في السماوات والأرض إلا يسألون الله تعالى في زيارة الحسين - عليه السلام - ففوج ينزل وفوج يصعد» .. كامل الزيارات: ص ١١١.
(٧) روى الطوسي وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «جاءني جبريل من عند الله بورقة آس خضراء مكتوب فيها ببياض: إني افترضت محبة علي على خلقي، فبلغهم ذلك عني». الأمالي: ص ٦١٩؛ البياضي، الصراط المستقيم: ٢/ ٥٠؛ الأربلي، كشف الغمة: ١/ ٩٩.
(٨) ولهذا قالوا بتحريف القرآن الذي نسي الإمامة والولاية كأهم ما في الدين وذكر بدلهما التوحيد {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}
(٩) تقدم قسم منها في المسائل الفقهية، وفيها أيضا: « ... وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم ولا أكتب عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك ... ». بحار الأنوار: ٣١/ ١٢٥.