للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الرابع في النبوة]

العقيدة الأولى: اعلم أن الشيعة يعتقدون أن بعث الأنبياء واجب على الله تعالى. (١) ولا يليق ذلك بمرتبة الربوبية والألوهية، فإن الله هو الحاكم الموجب على عباده، فمن يحكم عليه بوجوب شيء؟ نعم تكليف العباد وبعثة الأنبياء واقع حتما ولكن بمحض فضله وكرمه، بحيث لو لم يفعل ذلك لم يكن لهم مجال شكاية، فإذا فعل فهو عين فضله ومحض رحمته، وهذا هو مذهب أهل السنة. ولو كان بعث الأنبياء واجبا عليه تعالى لم يمتن ببعثهم في كثير من الآيات، قال تعالى: {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان} وقال تعالى {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} الآية وغيرها من الأيات. وظاهر أنه ليس في أداء الواجب منه. وأيضا لو كان واجبا لما سأله إبراهيم وطلب منه البعث في ذريته وبناء على كونهم مكلفين ووجوب تكليفهم قال: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم} الآية لأن الدعاء بما هو واجب الوقوع لغو لا معنى له، والأنبياء منزهون عن اللغو.

واعلم أن الإمامية لا بد عندهم أن لا يخلو زمان من نبي أو وصي قائم مقامه، وهو يعلمون أن بعث النبي أو نصب الوصي واجب عليه تعالى. (٢) ولا يعتقد أهل السنة وجوب شيء على البارى تعالى.

وعقيدة الشيعة هذه مخالفة للكتاب والعترة. أما الكتاب فلأن كثيرا من آياته تدل على وجود زمن الفترة وخلوه عن النبوة وآثارها، كما قال الله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترةٍ من الرسل} وغيرها من الآيات. وأيضا تدل آيات كثيرة بالصراحة على ختم النبوة كقوله تعالى {ولكن رسول الله وخاتم النبيين}.


(١) قال محمد حين كاشف الغطاء «وبعث الأنبياء واجب على الله». أصل الشيعة وأصولها: ص ٨٦؛ وقال محمد رضا المظفر: «قاعدة اللطف توجب أن يبعث الخالق رسله لهداية البشر». عقائد الإمامية: ص ٥٥.
(٢) قال الطوسي: «والدليل على أن الخليفة الإمام القائم - عليه السلام - حي موجود في كل آنٍ وزمان لا بد فيه من إمام معصوم، فثبت أنه حيَّ موجود في كل زمان، ويدل على بقائه إلى فناء هذه الأمة: لأنه لطف للناس، واللطف واجب على الله تعالى في كل زمان، فيكون الإمام حيا، وإلا لزم أن يكون الله تعالى مخلا بالواجب». رسائل الطوسي: ص ١٠٧.