للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لِمَا مَضَى التَّرْكُ) حال كونه مع القرينة يعني: لا يجوز ترك الخبر المسند إليه وحذفه إلا إذا كان هناك قرينة وهذا كما ذكرناه سابقًا في باب المسند إليه لأن القاعدة العامة في باب النحو وحذف ما يعلم جائزٌ مفهومه أن ما لا يعلم حذفه لا يجوز وهذا مطلقًا في باب المسند وفي غيره، إذًا التنصيص هنا يكون من باب التقعيد العام الذي يذكره النحاة، (مَعَ القَرِينَةْ) بالإسكان أي: وشرط الترك أن توجد قرينةٌ دالةٌ عليه ليفهم المعنى، وهي إما سؤالٌ مذكور، نحو قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ... [الزخرف: ٨٧]. ما إعراب [لفظ الجلالة $ ٢٠.٠٨] {اللَّهُ} فاعل لا تقول مبتدأ، الله لماذا؟ لأنه وقع في جواب السؤال، والسؤال معادٌ في الجواب، فحينئذٍ تقول التقدير: خلقنا الله، فاللهُ هذا فاعل والعامل فيه يكون محذوفًا، أي خلقنا الله الدليل على ذلك التصريح به في قوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ} [الزخرف: ٩]. ما قال لا يقولن العزيز، أعادوا العامل مع كونه مذكورًا في السؤال - وسيأتي لما ذُكِرَ. {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}، {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ} [يس: ٧٨، ٧٩] ما قال: قل الذي قال: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي} إذًا التصريح بالعامل وهو فعلٌ في هذين الموضعين وفي غيرهما يدل على أن القول هنا: {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: ٦٣] فاعل، لأن حمل النظير على النظير هذا من قواعد النحاة، وهذا خاصةً في القرآن، إذا جاء التصريح بشيءٍ في موضعٍ وجاء مبهمًا في موضعٍ معين آخر واحتمل أمرين تحمله على ما صُرِّحَ به، ولذلك كل ما في القرآن التي تحتمل أن تكون تميمية أو حجازية ما جاء مصرحًا في {مَا هَذَا بَشَراً} [يوسف: ٣١]، {مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: ٢]. هذا جاء مُصَرَّحًا بأنها حجازية؛ لأنه هي التي تعمل عمل ليس، في بعض المواضع ما جاء يعني: إما أنها دخلت الباء على الخبر، وإما أنه لا يظهر في الإعراب، حينئذٍ نقول: الراجح أنها حجازية وليست تميمية لماذا؟

لورود التصريح به في موضعٍ آخر، إذًا القاعدة عندنا هنا أنه ما جاء مبهمًا أو مترددًا بين احتمالين وجاء في موضعٍ آخر مصرحًا به في القرآن حينئذٍ نحمل النظير على النظير، ولا نقول: هذا كذا، وهذا يحتمل أمرين، لا، نحمل هذا على ذاك.

إذًا السؤال الذي هو القرينة قد يكون مذكورًا منصوصًا عليه {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} أي خلقنا الله، أو مقدر للعلم به يعني: قد يكون السؤال مقدرًا يفهم من الكلام كقوله:

لِيُبْك يزيد ضارعٌ لخصومةٍ ... ومختبطٍ مما تطيح الطوائح

<<  <  ج: ص:  >  >>