للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا (وَلَوْ) أي وقد يتمنى بـ (لَوْ) وذلك ما القرينة؟ قالوا: القرينة على أن (لَوْ) للتمني إذا نُصِبَ جوابها، لأن (لَوْ) في الأصل هي شرطية تحتاج إلى جواب، إذا نصب جوابها علمنا أن لو هنا للتمني، نحو: لَوْ تَأْتِينِي فَتُحَدِّثَنِي. تُحَدِّثُنِي غلط تُحَدِّثَنِي بالنصب على تقدير فأن تُحَدِّثَنِي حينئذٍ نصب الفعل المضارع بأن مقدرة بعد فاء السببية الواقعة في جواب التمني، أليس كذلك؟ مرّ معنا في ((الآجرومية)) فَتُحَدِّثَنِي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية الواقعة في أحد الأجوبة الستة وهو التمني هنا، فحملت (لَوْ) على التمني بدليل ماذا؟ بدليل نصب الفعل المضارع بعدها، فنصب الفعل المضارع قرينة لأن النحاة إنما نصوا بالتتبع والاستقراء على أن الفعل المضارع يُنصب بعد الفاء السببي إذا وقع في جواب (لَوْ)، وهنا (لَوْ) لَو بُحِثَ في المعاني التي يمكن أن تُجعل من المعاني الستة لَمْ يَصِحَّ لها إلا التمني، فقيل: (لَوْ) هنا تُستعمل في التمني. لَوْ تَأْتِينِي فَتُحَدِّثَنِي بالنصب، فإن النصب قرينة على أن (لَوْ) ليست على أصلها وهو الشرط، إذ لا ينصب الفعل المضارع بعدها بإضمار أن، وإنما تضمر أن بعد الأشياء الستة المقررة في علم النحو والمناسب لـ (لَوْ) هنا هو التمني. قالوا: كما يفرض بـ (لَوْ) غير الواقع واقعًا، كذلك يطلب بـ (ليت) وقوع ما لا طماعيةً في وقوعه. ومنه قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ١٠٢]. {فَنَكُونَ} لو {فَنَكُونَ} المعنى لو نظرت فيه على جهة الإجمال لقلت له: التمني. {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} يتمنون الكرة والرجعة {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} إذًا الفاء هذه فاء السببية، والفعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء الواقعة في جواب التمني، والتمني إنما حصل هنا بـ (لَوْ)، والذي دلنا على ذلك النصب، لماذا النصب مع كون الأمر قد يكون في جواب التمني والنهي والدعاء والترجي إلى آخره؟ نقول: لأننا نظرنا فإذا به لا يمكن أن يُحمل أو تحمل لفظ (لَوْ) على معنى من المعاني الستة إلا لو على التمني، وأنت لو نظرت إلى السياق وجدت أن المراد بالآية هنا التمني.

إذًا (لَوْ) تستعمل في التمني لكنه مجازًا، والأصل في التمني إنما يكون بـ (ليت).

<<  <  ج: ص:  >  >>