للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ لِلاخْتِصَاصِ وَالإِغْرَاءِ ** يَجِيءُ) قد يجيء النداء بالياء يجيء أو ... [تجيء] إذا أردنا به الأداة يجوز لكن يجيء أظهر، وقد يجيء يعني النداء غير مستعملاً في معناه الحقيقي وإنما يخرج عن أصله كما هو الشأن في (ليت) و (هل) ونحوها، وقد تستعمل صيغة النداء في غير معناه وهو طلب الإقبال بأن تجيء إذا جعلناه راجعًا إلى الأداة (لِلاخْتِصَاصِ) يعني يفيد الاختصاص بدلاً من أن يقال يا أيها الرجل حينئذٍ نقول: هذا أفاد الاختصاص. ومر معنا معنى الاختصاص أنه [قصر الحكم على] ذكر الحكم في المذكور ونفيه عن ما عداه، نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجل، في مثل هذا التركيب نقول: أيها الرجل أصله يا أيها الرجل، هنا حذفت يا وأيها الرجل دليلٌ عليها، أي متخصصًا به دون الرجال، أنا أفعل كذا أيها الرجل، هذا التركيب وإن كان الأصل فيه ياء النداء إلا أنه خرج عن أصله وهو طلب الإقبال إلى معنى التخصيص بمعنى أنه ما دل عليه التركيب أنا أختص به دون غيرٍ من الرجال، فقولك: أيها الرجل تخصيصٌ منادى بطلب إقباله عليه، ثُمَّ جُرِّدَ عن ذلك ونقل إلى تخصيص مدلولٍ من بين أمثاله بما نُسِبَ إليه، يعني مدلول شخصٍ واحدٍ من بين أمثاله بما نُسِبَ إليه، يعني رجلٌ من الرجال أو زيدٌ من الزيود، واستعماله يكون إما في معرض التفاخر نحو: أنا أكرم الضيف أيها الرجل، يعني أنا مختصٌ بإكرام الضيوف من بين الرجال. أي مختصًا من بين الرجال بإكرام الضيف، أو التصاغر نحو: أنا المسكين أنا الرجل، يعني أنا المختص بالمسكنة، أو لمجرد البيان بيان المقصود بذلك الضمير نحو: أنا أدخل الدار أيها الرجل، فكل هذا صورته صورة النداء وليس به، يعني خرج عن أصله، والمراد به هذا التركيب بعينه: أنا أفعل كذا أيها الرجل، خرج عن كونه نداءً إلا إفادة التخصيص، لأن أيًّا وما جعل وصفًا له لم يرد به المخاطب يعني: النداء، لم يرد به المخاطب يعني: مناداته، بل هو عبارةٌ عما دل عليه ضمير المتكلم السابق وهو أنا، ولا يجوز فيه إظهار حرف النداء لأنه لم يبق فيه معنى النداء أصلاً فكره التصريح بأداته بلفظ أيها، والرجل مضمومٌ من نوعه على أنه صفته ومجموعه في محل نصب من حيث الإعراب بحثٌ طويل عند النحاة.

(وَالإِغْرَاءِ) يعني قد يخرج النداء إلى الإغراء أي التحريض، كقولك لمن أقبل يتظلم: يا مظلوم. يعني زد، زد من الشكايا. يا مظلوم، فإنه ليس لطلب الإقبال لكونه حاصلاً وإنما الغرض والقصد إغراؤه وحثه على زيادة التظلم وبث الشكوى، فإنه ليس بنداءٍ حقيقةً. وقوله: (لِلاخْتِصَاصِ وَالإِغْرَاءِ) متعلق بقوله: (تَجِيءُ). وفي نسخةٍ: (يَجِيءُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>