للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَعْدَ) (يَجُوزُ) يعني يجوز أن يقدر، أي بعد الأنواع الأربعة التي هي التمني والاستفهام والأمر والنهي (وَالشَّرْطُ) المراد به حرف الشرط، قد يقدر بعدها، فيجوز أن يُجْزَمْ بعدها المضارع بتقدير شرطٍ بعدها، وهذا مما عدَّه النحاة من الجوازم ويبحث في جزم الفعل المضارع وهو ما يسمى بالطلب. {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ} [الأنعام: ١٥١]، {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا} [النور: ٣٠] {يَغُضُّوا} الأصل يغضون ما الذي جزمه؟ {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ} أين الجازم؟ ليس عندنا أداة جزم {يَغُضُّوا} يغضون إن يغضوا من أبصارهم إذًا على تقدير حرف شرط {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ} إن تأتوا أتلوا، إذًا نقول: على هذا تقدير حرف شرطٍ. نحو: ليس لي مالاً أَنْفِقْهُ. أي إِنْ أُرْزَقْهُ أُنْفِقْهُ، وأين بيتك أزرك أي: إن تعرفنيه أو تعرفنيه أزرك {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [إبراهيم: ٣١] إن يقيموا الصلاة، فحينئذٍ يجوز بعد هذه الأوجه الأربعة: التمني، والاستفهام، والأمر، والنهي، إذا جُزم الفعل المضارع حينئذٍ يكون مجزومًا بشرطٍ مقدر على خلافٍ، ولا تشتم يكن خيرًا لك. يعني إن لا تشتمني يكن خيرًا لك، وتفصيلها أكثر يكون في كتب النحو ومرَّ معنا.

إذًا المراد هنا (وَالشَّرْطُ بَعْدَهَا يَجُوزُ)، (وَالشَّرْطُ) يعني أداة الشرط (يَجُوزُ بَعْدَهَا) بعد هذه الأربعة حينئذٍ يجزم الفعل المضارع بحرف الشرط المقدر أو بجواب الطلب على خلاف المذكور.

(وَالنِّدَا) أي ومن أنواع الطلب النداء بكسر النون ممدودًا إلا أن الناظم قصره للوزن وقيل لغة، وهو طلب الإقبال بحرفٍ نائبٍ مناب أدعو لفظًا أو تقديرًا، النداء هو طلب الإقبال بحرفٍ إذا الأصل في وضع أن يكون بحرفٍ هذا الحرف نائبٌ مناب أدعو تقديرًا أو لفظًا، لفظًا أو تقديرًا يا زيد هذا نُطق بحرف النداء {يُوسُفُ أَعْرِضْ} [يوسف: ٢٩] {يُوسُفُ} يعني يا يوسف إذًا حرف النداء يكون مقدرًا ويكون ملفوظًا بها.

فيا للبعيد حقيقةٌ أو ما نُزِّلَ مُنَزَّلته، يعني قد تجيء ياء للقريب، الأصل فيها للبعيد يا زيد ما تستعمله للقريب، إنما تستعمل للبعيد، أو ما نُزِّلَ مُنَزّلة البعيد هو قريب لكنك أردت أن تشير إلى أنه فيه بعدٌ إما من حيث الفهم أو من حيث المكانة، يعني قد تجيء يا للقريب عند إعطائه حكم البعيد وتَنْزِيله مُنَزَّلَتَه لنكتةٍ تقتضيه فيصير بعيدًا حكمًا، وتلك النكتة إما إشارة إلى كونه بليدًا فينبه باستعمالها فيه على بلادته، وأنه بعيدٌ من التنبيه، وإما الحرص في وقوع النداء للمخاطب وطلب إقباله كأنه بعيد كقوله تعالى: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ} [القصص: ٣١]. وإما بيان الاعتناء بالمخاطب، وكون المخاطب يعتني به نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} [البقرة: ٢١]، وأما (أَيَا، وهَيَا) فهما للبعيد تنبيهًا على أنه حاضر لا يغيب، وأي والهمزة للقريب، وقد تستعمل في البعيد تنبيهًا على أنه حاضرٌ في القلب لا يغيب عنه أصلاً.

إذًا الأصل في حرف النداء أن يكون ياء ومثله ما ذكرناه.

(وَالنِّدَا

<<  <  ج: ص:  >  >>