أولاً:{ذَلِكَ} تدل على كمال التمييز، وجاءت اللام، اللام البعد، وإلا {الْكِتَابُ} يشار إليه {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ} جاء في غير موضع {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ}[النمل: ٧٦] وهذا يشار بها للقريب، لكن جاء هنا قال:{ذَلِكَ}. إذًا فيه مكانة وعظمة. {الْكِتَابُ} دخلت عليه (أل) الدالة على الكمال، حينئذٍ لما بولغ في وصف الكتاب ببلوغه الدرجة القصوى في الكمال، ووجهه أنه جعل المبتدأ {ذَلِكَ} اسم الإشارة الدالة على كمال العناية بتمييزه وتعريف الخبر {الْكِتَابُ} بـ (أل) الدالة على الانحصار حينئذٍ عرف الجزءان أي: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} أنه الكتاب الكامل الذي يستحق أن يُسمى كتابًا دون ما سواه، جاز حينئذٍ أن يتوهم السامع قبل التأمل أن في ذلك مجازًا، إذا قيل:{ذَلِكَ الْكِتَابُ} هذا هو الكتاب وما عداه ليس بكتاب، قد يتوهم السامع بأنه مجاز أي: بسبب المبالغة فاتبع بقوله {لاَ رَيْبَ فِيهِ} كما أنه قد يتوهم جَاءَ زَيْدٌ رَسُولُهُ غُلامُهُ ذاته يحتمل فلما قيل: نَفْسُهُ. حينئذٍ تعين، فلما قال:{ذَلِكَ الْكِتَابُ}. واحتمل أنه فيه شيء من المبالغة - وانتبه هنا المعاني ليست خاصة بالمسلمين، حتى يقال: كيف يتوهم؟ - لا، هنا الكتاب عام يستمعه المسلم والكافر، فقد يتوهم الكافر العربي {ذَلِكَ الْكِتَابُ} بأنه مجاز من باب المبالغة، فجاء {لاَ رَيْبَ فِيهِ} إذًا من باب التأكيد، من باب نفي المجاز في قوله:{ذَلِكَ الْكِتَابُ}. دفعًا لهذا التوهم. إذًا هذا الأول بما يتعلق بالجملة إذا كانت الثانية بمنزلة التأكيد المعنوي.