للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا تعريف علم البيان. قال الناظم في تعريفه (عِلْمُ الْبَيِّانِ) هنا أظهر في مقام الإضمار مرّ معنا أن الشيء إذا ذكر أولاً إنما يأتي بالضمير نقول: زيدٌ قَدِمَ وهو راكبٌ. لا يصح أن يقال في الأصل إلا لنكتةٍ ما زيدٌ قدم وزيدٌ راكبٌ لئلا يظن أن زيدًا الثاني مغايرٌ للأول حينئذٍ يقال: وهو راكبٌ. هنا الفن الثاني (عِلْمُ الْبَيِّانِ) وهو (مَا بِهِ يُعَرَّفُ) هذا هو الأصل، وإنما يقال: أظهر يعني: جاء بالاسم الظاهر في مقام الإضمار الذي هو الضمير لنكتةٍ قد يقال: لأنه أراد الإيضاح أراد به الإيضاح أو من أجل الوزن، (عِلْمُ الْبَيِّانِ مَا بِهِ يُعَرَّفُ)، (مَا) اسم موصول بمعنى الذي يصدق على الْمَلَكَة، وعرفنا أن الْمَلَكَة شرطٌ في تحصيل في تحصيل الفصيح والبليغ، يعني: لا يكون الرجلُ فصيحًا إلا إذا كان ذا مَلَكَةٍ، ولا يكون بليغًا إذا كان ذا مَلَكَةٍ، فمن أورد الكلام الفصيح ولم تكن له مَلَكَة فليس بفصيح، ومن أورد الكلام البليغ ولم تكن له مَلَكَة فليس ببليغ، من أورد كلام وقد وجد ما يتحقق من شروطٍ في علم البيان حينئذٍ لا يكون على وَفْقِ هذا الفن الثاني. إذًا مَلَكَةٌ ما - أي: مَلَكَةٌ - وهي هيئة راسخةٌ في النفس يُقْتَدَرُ بها على إدراك جزئياتٍ أو نفس الأصول والقواعد على ما علمت في علم المعاني، يعني هنا في تعريف الفن يصح أن يُراد به (مَا) الذي أُطْلِقَ وأريد به الْمَلَكَة، أو إن شئت قل العلم، ثم يفسر العلم بالْمَلَكَة أو بالمسائل أو بالقواعد والأصول. هنا يحتمل أن يكون المراد به الْمَلَكَة ويحتمل أن يكون المراد به الأصول والقواعد لِمَا مَرّ في علم المعاني، ملكةٌ يقتدر بها على إدراكاتٍ جزئية لأنها تحصل جملةً واحدةً بالفعل، يعني المراد هنا أن ما يصدق عليه علم البيان كالذي يصدق عليه علم المعاني، بمعنى أنه لا يوجد دفعةً واحدة وإنما يوجد شيئًا فشيئًا، (بِهِ يُعَرَّفُ)، (بِهِ) متعلقٌ بقوله: (يُعَرَّفُ)، أي برعايته (بِهِ) أي [بعلم المعاني] (١) بعلم البيان ليس المعاني بعلم البيان وهل المراد به العلم بالأصول والقواعد فحسب أو الرعاية؟ ما المراد به؟ هل المراد به علم الرعاية الذي هو الْعَمْلُ بما عَلِم؟ أو المراد فقط العلم النظري؟


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>