للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) بعضهم جعله (فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) مقول القول فقلت: (فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) قلت: هذا النظم .. إلى آخره. (فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) أي: فصاحة اللفظ المفرد، (فَصَاحَةُ) هي في الأصل صفة اللبن الذي أخذت رغوته، اللبن له رغوة تعرفونها؟ له رغوة إذا أخذت الرغوة قيل: هذا لبنٌ فصيح، والفصيح هو هذا اللبن وفَصُحَ إذا أُخِذَت رغوته هذا معنًى أول، والإبانة فصاح الإبانة، يقال أفصح الفصيح إذا ظهر، قال تعالى حكايةً عن موسى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً} [القصص: ٣٤]. يعني: أبين مني قولاً، إذًا الفصاحة تأتي في اللغة بمعنى الإبانة، فالفصاحة فَعَالَة من فَصُحَ لأن فَعُلَ له وزنان منهما فَعَالةٌ لفَعُلَ، فهي في اللغة تنبئ عن الظهور والإبانة، يقال فصح الأعجمي وأفصح إذا انطلق لسانه وخلصت لغته من اللُُّكْنَة، وقيل: الفصاحة لغةً الإيضاح، يقال: أفصح عن مراده إذا أوضحه، إذًا المشهور أن الفصاحة وهي فعَالة مصدر لفَعُلَ فَصُحَ مشهور أنها بمعنى الإبانة والظهور، تنبئ عن معنى الظهور والإبانة، والذي يوصف كما مرَّ معنا في الفصحة ثلاثة أشياء.

أولاً: المفرد، فقدمه لكونه لا يُعرف فصاحة المتكلم ولا الكلام إلا بمعرفة فصاحة المفرد، فقال: (فَصَاحَةُ المُفْرَدِ). أي فصاحة اللفظ المفرد، فالمفرد وصفٌ لموصوفٍ محذوف أي اللفظ المفرد، والمراد بالمفرد هنا الكلمة الواحدة، فيقال: كلمةٌ فصحية ومرّ معنا أن تعريف المفرد بمال لا يدل جزءه على جزء معناه في النحو غلط وإن اشتهر عند ابن هشام وغيره والسيوطي كذلك والأشموني، هذا غلط من تداخل الاصطلاحات تداخل الفنون، فالمفرد الذي لا يدل جزءه على جزء معناه هو المفرد عند المناطقة، وأما المفرد هنا فهو الكلمة الواحدة، أو إن شئت قل: اللفظة الواحدة، أو التلفظ بلفظٍ واحدٍ عُرفًا، قل هذا أو ذاك، لكن المراد به هو الكلمة الواحدة، تُسمى ماذا؟ وأنواع الكلمة ثلاثة: اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ. ثم قد يألف بين اسمين فيقال: عبد الله هذا لا يسمى مفردًا عند النحاة، وإنما يسمى مفردًا علمًا عبد الله علمًا، يُسمى مفردًا عند المناطقة، وهنا محل النزاع ولذلك سلم الأشموني بأنه كلمة واحدة، وكذلك السيوطي كلمة واحدة، ولكنه في تقدير كلمتان يعني باعتبار كونه مضافًا ومضافًا إليه قبل جعله علمًا وهو مركب إضافي من كلمتين، وبعد ذلك فلا، وهذا غلط لا يُسَلَّمُ لهما ولا لهم البتة، وقد نص على ذلك غير واحد.

إذًا المراد بالمفرد هنا نفسره بما هو في لسان العرب، المفرد أي: الكلمة الواحدة، فيقال: كلمةٌ فصيحة ومفردٌ فصيح.

متى نحكم على المفرد أو الكلمة بأنه فصيحٌ أو فصيحًا؟

قال: إذا سَلِمَ من ثلاثة أشياء، أن يخلص ويسلم ويتبرأ من ثلاثة عيوب، ما هي هذه العيوب؟

الأول: قال: (مِنْ نُفْرَةٍ فِيهِ).

الثاني: (وَمِنْ غَرَابَتِهْ).

الثالث: (وَكَونُهُ مُخَالف الْقِيَاسِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>