للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا انتفت هذه كلها حينئذٍ نقول: هذه المفردة وهذه الكلمة فصيحة، ألا يكون بين حروفها تنافر، ألا تكون الكلمة غريبة، ألا تكون الكلمة مخالفةً للقياس، واضح؟ ثلاثة شروط كلها باجتماعها حينئذٍ نحكم على اللفظ بأنه فصيح وعلى الكلمة بأنها فصيحة.

(فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) قال: (فِي سَلاَمَتِهْ) يقال: سَلِمَ من الآفات ونحوها سلامًا وسلامةً بَرِئَ في سلامةِ يعني: في بَرَاءته من العيوب والآفات المذكورة، وله كذا خلصًا فهو سالمٌ وسليم من هذه الأمور الثلاثة.

إذًا (فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) عرفنا المفرد المراد به هنا الكلمة الواحدة، (فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) عند البيانيين اصطلاحًا: (سَلاَمَتِهْ) في ثلاثة أشياء، (فَصَاحَةُ المُفْرَدِ) (سَلاَمَتِهْ) في ثلاثة أشياء فمتى وجد في المفرد في الكلمة الواحدة شيءٌ من هذه الثلاثة لا تكون الكلمة فصيحة ولا يكون المفرد فصيحًا، لو سَلِمَ من الغرابة ومن مخالفة القياس لكنه لم يسلم من النُّفْرَة فالكلمة غير فصيحة، لو سَلِمَ من التنافر أو النُّفرة فيه ومن الغرابة لكنه مخالفٌ للقياس فالكلمة غير فصيحة.

إذًا تحصيل المفرد الفصيح هو باجتماع هذه الثلاث بأن تنتفي كلها.

(فَصَاحَةُ المُفْرَدِ فِي سَلاَمَتِهْ) أي: من ثلاثة أشياء أولها ما أشار إليها بقوله: (مِنْ نُفْرَةٍ فِيهِ)، (نُفْرَةٍ) فُعْلة على وزن فُعْلة، (مِنْ نُفْرَةٍ فِيهِ) هذا متعلق بقوله: (سَلاَمَتِهْ)، (فِي سَلاَمَتِهْ) سلامة قلنا: هذا مصدر بمعنى البراءة من العيوب، (مِنْ نُفْرَةٍ)، (سَلاَمَتِهْ) (مِنْ نُفْرَةٍ) أو (مِنْ نُفْرَةٍ) فقوله: (مِنْ نُفْرَةٍ) متعلقٌ بقوله: (سَلاَمَته) والضمير في (فِيهِ) يعود إلى المفرد، (مِنْ نُفْرَةٍ فِيهِ) يعني: في المفرد، والمراد هنا (سَلاَمَته) أي: خلوصه من نفرةٍ في مادته التي تركب منها المفرد، يعني ألا يكون بين حروفه (نُفْرَةٍ)، والمراد بالنُّفرة التنافر، يعني: ألا يكون بين حروف اللفظ الواحد منافرةً، بأن يكون أحدهما من مخرجٍ والثاني تاليه من مخرجٍ يبعد عن ذلك المخرج أو يكون قريبًا ويكون النطق بالحرفين فيه ثقلٌ وعسرٌ، والمراد هنا خلوصه من نفرةٍ في مادته المتركب هو من حروف، أي: لا تتنافى حروفه فَتَتَنَافَر، فالتنافر وصف في الكلمة أو المفرد، التنافر هنا في الحروف يعني الكلمة الواحدة أن يكون بين حروفها تنافٍ وتنافر، وهذا عندهم على قسمين: أعلى وأدنى. لا بد من ذكره هذا الموضع أعلى وأدنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>