للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنع الجمهور هذا الدليل لأن الجمهور يُسَلِّمُون بأن الإدعاء موجود، يعني ادعاء أن المشبه فرد من أفراد الأسد يقول به الجمهور لكنه ليس بأمر لغوي هم ادعوا أنه إذا استُعمل فيه فهو لغوي نمنع هذا، قالوا: نحن ندَّعِي بأن المشبه فرد من أفراد المشبه به. طيب إذا استُعمل لفظ الأسد في المشبه استعمال الحقيقي. إذًا إذا كان هذا حقيقة أين المجاز؟ تصرف عقليّ، نحن نمنع بأن استعمال لفظ الأسد في غير المتعارف أنه استعمال حقيقي، بل لم تضع العرب إلا لفظ الأسد إلا للفرد المتعارف فقط، وأما غيره فهو استعمال مجازي، ومنع الجمهور هذا الدليل بأن ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به لا يقتضي أن تكون الاستعارة مستعملة فيما وُضعت له للعلم الضروري بأن أسدًا في قولنا: رأيت أسدًا يرمي. مستعمل في الرجل الشجاع والموضوع له هو السبع المخصوص باتفاق أئمة اللغة.

إذًا الاستعارة على الصحيح هي مجاز لغوي.

وقوله: (بِجَعْلِ ذَا ذَاكَ ادِّعَاءً أَوِّلَهْ). محتمل، الشارح هناك جعله بأنه ممن يرجح أنها مجاز عقلي، وهذا ظاهر، لكن يحتمل أن هذا تفسير للاستعارة، (أَوِ استِعَارَهْ) كيف ما وجه الاستعارة؟ (بِجَعْلِ ذَا ذَاكَ ادِّعَاءً) وهذا يقول به الجمهور، فحينئذٍ قد يحتمل أن كلام الناظم هنا على وفق ما عليه الجمهور. ابن حزم والظاهرية أنكروا وجود الاستعارة في القرآن وفي السنة وفي لسان العرب، لماذا؟ لأنها كذب. قالوا: المجاز كله كذب.

فائدة: تفارق الاستعارة الكذب من وجهين: يعني فرق بين الاستعارة والكذب. وهم يقولون بأن المجاز يحتمل نفيه ويحتمل تكذيبه، رَأَيْتُ حِمَارًا يَكْتُبُ، كذبت ليس بحمار يجوز نفيه. تقول: في هذا التركيب يجوز نفيه لأنك الذي تنفيه ما هو؟ الحمار الأصلي، عندما تقول ماذا: رَأَيْتُ حِمَارًا يَكْتُبُ. يكتب هذه قرينة، حمار هنا المراد به الفرد المتعارف أو غير المتعارف؟ غير المتعارف، وقولك: كذبت. على ماذا؟ على المتعارف. إذًا كيف يقال بأنه يجوز نفيه أو يجوز تكذيبه، هذا فاسد، ثم يلزمهم نفي الخبر وقوع الخبر في القرآن، ما هو الخبر؟

.

ما احتمل الصدق والكذب لذاته، لذات الإدخال ما قطع بصدقه وهو كلام الله عز وجل، إذًا القرآن فيه أخبارٌ، والخبر ما يجوز تصديقه وتكذيبه، إذًا في القرآن ما يجوز تصديقه وتكذيبه، إذًا ننفي أن يكون القرآن مجتملاً على الخبر، وهذا فاسد ليس بصحيح. إذًا كون المجاز يجوز نفيه ونجعله قاعدة لنفي المجاز عن القرآن هذا دليلٌ فاسدٌ من أصله، لماذا؟ لأنه يلزمه أولاً نفي ليس منصبًا على الظاهر، عندما تقول: رأيت أسدًا يرمي. كذبت ليس بأسدٍ، نقول: ليس بأسدٍ حقيقي الذي هو المتعارف، ونحن ماذا أردنا؟ أردنا غير المتعارف، إذًا محل النفي والتكذيب ليس هو اللفظ وإنما هو المعنى المنقول إليه، وهذا واضحٌ ردُّه. يرد كذلك بكون القرآن فيه أخبار، والخبر ما يجوز أو ما يحتمل الصدق والكذب، على كلٍّ تفارق الاستعارة الكذب من وجهين، الاستعارة وإن شاركت الكذب في كون كل منهما إخبارًا بخلاف الواقع لكنها تتميز عنه بأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>