للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا قام زيد جملة هي هِي بعينها لما صاحبت كلمة وهي (إن) أفادت معنى لم تفده هذه الجملة إذا صاحبت هذه الجملة لفظ (إذا) فافترقا بسبب ماذا؟ بسبب التركيب وهذا إنما يكون مطابقًا للحال، فإذا أردت تشكيك المخاطب تقول: إن قام زيد ولو كنت تعلم إنه متحقق، وإذا أردت إفادته بأن القيام متحقق تقول: إذا قام زيد. وارتفاع شأن الكلام في الْحُسْنِ والقبول بمطابقته للاعتبار المناسب وانحطاطه بعدم مطابقته له، يعني متى يكون الكلام مرتفعًا، إذا وافق وطابق الحال، وكلما كَمُلَ في مطابقة الحال كَمُلَ في نفسه، وإذا لم يوافق فهو كلام منحط، يعني: نزل درجات عن الكلام البليغ.

فمقتضى الحال هو الاعتبار المناسب أي: الأمر الذي اعْتُبر مناسبًا بحسب تتبع تراكيب البُلَغَاء فهو بليغ أو (فَهْوَ الْبَلِيغُ)، فهو الفاء هذه واقعة في جواب الشرط إن، وهو ضمير يعود إلى أي شيء؟ الكلام المطابق للحال، هو يعود إلى لكلام المطابق للحال مع فصاحته، لا بد من هذا القيد، البليغ يعني: الكلام البليغ الذي اتصف بالبلاغة، (فَهْوَ) أي: الكلام الفصيح المطابق للمقتضى الحال مع فصاحته، ومع فصاحته إذا وصفنا الكلام بكونه فصيحًا لا نحتاجه، إذا قلت: الكلام الفصيح انتهى، الكلام الفصيح المطابق لمقتضى الحال البليغ، عَرَّفَ الجزأين كأنه حصر البلاغة في هذا النوع وهو كذلك، (فَهْوَ الْبَلِيغُ) هذا يفيد الحصر يعني لا كلام يوصف بكونه بليغًا إلا المذكور، فحينئذٍ ينتفي الحكم الذي هو وصف البلاغة عن غير المذكور واضح هذا، إذا عُرِّفَ الجزءان المبتدأ والخبر هذا يُسمَّى من أساليب الحصر والقصر بمعنى إثبات الحكم بالمذكور ونفيه عن ما عداه، (فَهْوَ الْبَلِيغُ) عرف الجزأين، وقلنا: الفاء وقعت في جواب الشرط، هو أي: الكلام الفصيح المطابق للواقع البليغ لا سواه لا غيره، فغيره لو كان فصيحًا ولم يطابق لا يسمى بليغًا، لو كان مطابقًا للواقع ولم يكن فصيحًا لا يسمى بليغًا.

إذًا تعريف الجزأين هنا أفاد الحصر.

ثم ذكر بلاغة المتكلم فقال: (وَالَّذِي يُؤَلِّفُهْ) بليغ، حذف الخبر يعني: الذي أي: الشخص المتكلم بالكلام الفصيح المطابق للواقع - عرفنا أن الكلام هذا بليغ - فمن اتصف بالكلام البليغ فهو البليغ، وهذا ظاهر عبارته وفيها شيء من القصور، (وَالَّذِي) أي: الشخص المتكلم بما ذكر (يُؤَلِّفُهْ) أيضًا بليغ، أي: الذي يؤلف الكلام البليغ بليغٌ، أي: المتكلم، الضمير يعود إلى المتكلم، فالضمير يعود على الكلام البليغ، (الَّذِي يُؤَلِّفُهْ)، ... (يُؤَلِّفُهْ) عندنا ضميران:

<<  <  ج: ص:  >  >>