للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصاحة الكلام بأن يكون الكلام فصيحًا.

الثاني: أن يكون مطابقًا لمقتضى الحال.

ولذلك نقول: الناظم هنا تَرَكَ (وَإِنْ يَكُنْ مُطَابِقًا لِلْحَالِ

فَهْوَ الْبَلِيغُ) ترك الناظم قيدًا لا بد من اعتباره في حد الكلام البليغ أو صحته، حينئذٍ نقول: البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته، فالحال شيء منفك عن الكلام، المقتضى وصف للكلام، واضح؟ مقتضى وصف الكلام، فعندنا مُقْتَضِي وعندنا مُقْتَضَى، الْمُقْتَضِي هو الحال، مُقْتَضَى الحال التأكيد، مقتضي هو الحال يعني: الذي يقتضيه الحال من كونه مُنْكِرًا، المقتضى وصف للكلام فمن شروط بلاغة الكلام كونه فصيحًا بالمعنى الذي سبق بيانه، فإن البلاغة عندما تتحقق عند تحقق الأمرين المطابقة مع الفصاحة، ومقتضى الحال هذا مختلف يعني: يختلف باختلاف الأحوال، فإن مقامات الكلام متفاوتة، فمقام التنكير يباين مقام التعريف، لأن الكلام إما أن يكون على المسند إليه مثلاً أو المسنَد إما أن يكون نكرة وإما أن يكون معرفةً، هل المتكلم يأتي به هكذا مرة يعني: على مزاجه مرة يُعَرِّفُ ومرة يُنَكِّرُ؟ نقول: لا، إنما يكون باعتبار المخاطَب، إن كان المخاطَب يقتضي من حاله أن يُعَرَّفَ الْمُسْنَد عُرِّفَ، وإلا الأصل أن يكون نَكِرَة ويستعمل على أصله، وإن يقتضي حاله أن يُنَكَّر نُكِّرَ، واضح هذا؟ فمقام التعريف يباين مقام التنكير، يعني: متى تأتي باللفظ المبتدأ مثلاً أو الخبر متى تأتي به معرفة ومتى تأتي به نكرة بشرطهم في المبتدأ؟ نقول: باعتبار المخاطَب إن اقتضى حاله أن أورد المسند إليه معرفة أو نكرة بشرطها لأنها زيادة وصف، حينئذٍ أوردناه، والحال المقتضي نقول: مراعاته ومطابقة الكلام له هو الذي يسمى بلاغة، ومقام الإطلاق يباين مقام التقييد، ومقام التقديم يباين مقام التأخير، ومقام الذكر يباين مقام الحذف، ومقام القصر يباين مقام خلافه، ومقام الفصل يباين مقام الوصل، ومقام الإيجاز يباين مقام الإطناب والمساواة، وكذا خطاب الذكي يباين خطاب الغبي وهذه كلها أبواب ثمانية ستدرس في محلها، يعني متنوعة، يعني الفصل والوصل متى تفصل ومتى تصل؟ متى تعطف الجملة على سابقتها؟ متى تترك العطف؟ نقول: هذا كله يبحث في علم المعاني والذي يقتضيه هو الحال. وكذا لكل كلمة مع صاحبتها مقام إلى غير ذلك مما سيأتي التفصيل في محله. فالفعل مثلاً إذا دخلت عليه (إن) ليس كالفعل إن دخلت عليه (إذا) أليس كذلك؟ إن قام زيد، إذا قام زيد، ما الفرق بينهما؟ قام زيد هي هِي، وإنما أدخلت على الفعل حرف شرط أو اسم شرط وكلاهما شرطيان (إن)، (إذا) قام زيد ما الفرق بينهما؟

.

نعم، (إن) إذا أردت التشكيك في قيام زيد تقول: إن قام زيد، وإذا أردت التحقق والتحقيق تقول: إذا قام زيد، ففرق بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>