ويجوز أن يراد بقوله: (عِلْمٌ). أي: قواعد وأصول يُعرف بإدراكها أحوال اللفظ العربي .. إلى آخره. وهذا العلم كما قال ناظم هنا: ... (مُنْحَصِرُ الأَبْوَابِ فِي ثَمَانِ) يعني: إدراك هذا العلم على وجه الحقيقة هو إدراك هذه الأبواب الثمانية (مُنْحَصِرُ الأَبْوَابِ) من إضافة اسم الفاعل إلى فاعله، (فِي ثَمَانِ) أي: ثمانية أبواب لغةٍ من ثماني، وحذفت الياء لأجل الوزن ونحوها.
جمعها الأخضري في قوله:
إسناد مسندٌ إليه مسنَدُ ... ومتعلقات فعلٍ تورد
قصرٌ وإنشاءٌ وفصلٌ وصلٌ أو ... إيجاز إطناب مساواة رأوا
هذه ثمانية أبواب: إسناد، مسندٌ إليه، مسند، هذه ثلاثة أبواب وكلها متعلقة بالإسناد، وسيأتي معنى الإسناد لأنه يقتضي مسندًا ومسندًا إليه، فحينئذٍ البحث في هذه الأبواب من هذه الحيثيات العارضة للفظ العربي هو بحثٌ في علم المعاني.
ثم المسند وقد يكون فعلاً أو في ما معنى المفعل وله متعلقات، الذي هو المفعول به و .. و .. إلى آخره، فحينئذٍ يأتي الباب الرابع وهو البحث في متعلقات الفعل، ومتعلقات فعلٍ - إذا وقع مسند مثلاً - تورد.
قصرٌ قد يكون الكلام يراد به القصر وقد لا يراد به القصر، ما قام إلا زيدٌ هل يُؤَدَّى المعنى هذا بقولك زيدٌ قائمٌ مثلاً، ما يصلح، إذا أردت القصر حينئذٍ له أساليب، أين تبحث هذا الأساليب؟ في علم المعاني.
فإذا أريد القصر وعدم القصر حينئذٍ له بابٌ خاص وهو الباب الخامس: وإنشاءٌ، وهو ما يقابل الخبر كالطلب والاستفهام والبحث عنها، وهذا الباب السادس، وفصلٌ وصلٌ يعني: إذا كان الكلام مركبًا من جملتين فأكثر، حينئذٍ علاقة الجملة الثانية بالأولى هل بينهما علاقة أو لا، إن كان بينهما علاقة فهو الوصل، إن لم يكن بينهما علاقة حينئذٍ الفصل، متى تفصل؟ ومتى تصل؟ هذا البحث يكون في الباب السابع، وهو الفصل والوصل.
أو إيجازٌ إطناب مساواة، يعني: الكلام باعتبار المعنى إما أن يكون أزيد، وإما أن يكون أقل، وإما أن يكون أكثر [هل مساوٍ $ ١.١٥.٢٦]، فإن كان كثيرًا فهو الإطناب، إذا كان اللفظ أكثر من المعنى فهو الإطناب، وإذا كان أقل فهو الإيجاز، وإن كان مساويًا للمعنى فهو المساواة، وهو الباب الثامن، إذًا هذه ثمانية أبواب:
الباب الأول: الإسناد الخبري.
الباب الثاني: المسند إليه، يعني: أحوال المسند إليه.
الباب الثالث: أحوال المسنَد.
والرابع: متعلقات الفعل.
القصر الخامس.
الإنشاء هو السادس.
الفصل والوصل هو السابع.
والإيجاز والإطناب والمساواة هو الثامن.
ثم شرع في ما يتعلق بأول الأبواب، وهو أحوال الإسناد الخبري ونأتي عليه بعد الصلاة إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.