للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا ظاهر في أنه مستقل بذاته، وأن المادة مادة النظم إنما اعتبرها من جهة نفسه، أو أنه اقتطفها من مجموعة كتب، ولا يعتبر أن ذلك أخذه من ... ((التلخيص)) على جهة الخصوص.

ثالثًا: يقال بأن الموافقة في المنهج لأن منهج المصنف كمنهج صاحب ... ((التلخيص) يعني: بدأ بالفصاحة فصاحة المفرد، والبلاغة، ثم قدَّم المعاني، ثم ترتيب مسائل المعاني بالفصول الثمانية، ثم البيان، ثم البديع. هذا الترتيب هو ترتيب صاحب ((التلخيص)).

نقول: هذا لا يلزم منه أن يكون نظمًا له، لماذا؟

لأن ثَمَّ منهجًا عامًا يعتبر في التصنيف عند أرباب التصنيف سواء كان في علم النحو أو في علم الصرف أو في علم البيان، استقرت العلوم على ترتيب معين فلا يقال بأنه إذا وافق المنهج الْمَنْهَج أنه أخذه منه، واتفق المتأخرون على أن العمدة الذي صار عمدة عندهم هو ((التلخيص))، حينئذٍ كما هو الشأن في أرباب التصنيف وأرباب المتون أنهم إذا اعتمدوا كتابًا ما حينئذٍ نحو منحاه في كل صغيرة وكبيرة، حينئذٍ إذا وافق صاحب ((التلخيص)) في كونه بدأ بتعريف الفصاحة أو البلاغة أو بدأ بعلم المعاني، ثم الثمانية الأبواب لا يلزم من ذلك أن تكون الموافقة في المنهج موافقة له في كل المسائل، وهذا القول به فيه شيء من التكلف والبعد، كما أن النحاة يبدؤون بتعريف الكلمة وبعضهم بتعريف الكلام، ثم يذكرون أقسام الكلمة والكلام، ثم يذكرون المرفوعات، ثم المنصوبات، ثم المخفوضات، ثم يقدمون الفاعل على المبتدأ - أكثرهم -، ثم المفاعيل يبدؤون بالمفعول به .. إلى آخره.

نقول: هذا منهج صعب فمن أَلَّف على هذا المنهج لا يقال بأنه اقتفى أثر فلان لأنه صار شائعًا بمعنى ليس خاصًا بأحد دون أحد، وهذا العلم شائع أو المشاع بين أهل العلم.

إذًا الموافقة في المنهج والترتيب نقول: هذه - الذي قد سار عليه الناظم وأنه موافق في الجملة لكتاب ((التلخيص)) للقزويني - لا يلزم منه أن يكون ناظمًا له، هذا الذي ينبغي اعتماده؛ لأن العلم كما شاع عند أهله واستقر وثبت على ترتيب القزويني وكل من جاء بعده سار على خطاه، فاستقر العلم على هذا المنهج فحينئذٍ التأليف أو النظم على هذا المنهج لا يقال بأنه نظم ((التلخيص)).

فمنهج التعريف عند العلماء وترتيب الأبواب والفصول والمسائل في مواضعها التي اشتهرت المصنفات موافقة ذلك لا يُعَدُّ أن الناظم وافق ... ((التلخيص)) في ذلك لأنه شائع وليس خاصًا بالقزويني.

والكلام في سائر العلوم على ما ذكرنا.

فكون الناظم هنا قد رتب منظومته على ترتيب القزويني وأنه عَبَّر عن المصطلحات بما استقر عند علماء الفن لا يلزم منه أن نحكم بأن هذه المنظومة تعتبر من المنظومات التي تُسْلَكُ في سلك منظومات ((التلخيص)) وأن القول به فيه شيء من التكلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>