للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رابعًا: أن المسائل المذكورة في النظم إنما هي من مُسلمات الفن يعني: ثَمَّ اصطلاحات وأحكام في كل الفنون منها ما هو متفق عليه، وإذا كان متفقًا عليه لا يستقل به فرض عن فرض آخر، فالفاعل مرفوع، والمفعول به منصوب، والفاعل يتأخر عن عامله، هذه أقوال ليست مخصوصة لزيد من النحاة دون غيره، فإذا نظمت لا يقال بأنه وافق غيره في هذا، بل هذا يُسَمَّى من المسائل المشاعة التي لا يَخْتَصُ بها أحد عن أحد، ولذلك إذا ذكر النحوي بأن الفاعل مرفوع لا يقول: كما قال سيبويه ونص عليه ابن هشام. لأن هذا مُسَلَّم عند الجميع، وإنما تذكر النسبة فيما إذا استنبطه العالم يعني: لم يسبق له عالم بأن نظر في هذه المسألة من هذه الجهة فاستنبط مسألة ما أو حكمًا ما، هذا الذي يُنْسَب إلى أصحابه، وليس كما شاع الآن في التصنيف أن كل كلمة يأتي يقول: انظر كذا وانظر كذا. إنما هم مقلدون لغيرهم ويسمونه توثيق المعلومات، ليس كل معلومة توثق، وإنما يوثق الذي يختص به عالم عن غيره، وأما ما شاع في الفنون فلا يقال بأنه لا بد من توثيقه.

إذًا هذه المسائل المذكورة في هذا النظم - وهي مائة بيت - اشتملت على مشهورات المسائل وهي من المسلمات عند أهل الفن، نقول: لم ينفرد بها صاحب ((التلخيص))، وإنما وافقه في الترتيب والتقديم والتأخير، ومثل هذه المسائل مشاعة في الفن لا يختص بها كتاب دون كتاب، فكون المصنف هنا ابن الشِّحْنَة ذكرها كونه ذكرها هنا فلمناسبة نظمه لهذا الْعِلْم لأنه أراد أن يكون النظم في فن البلاغة، إذ هو مائة بيت يعني هو مختصر جدًا وأراد ثلاثة فنون وليست بالقليلة ولذلك يعد من يتكلم في تصنيف الفنون يَعُدّ علم المعاني علمًا مستقلاً بذاته، له كتبه ومصنفاته، وعلم البيان كذلك مستقلاً بذات له مؤلفاته، كذلك علم البديع، ولذلك بعضهم يؤلف في المعاني دون البيان والبديع، أو يؤلف في البيان دون المعاني والبديع، أو في البديع دون المعاني والبيان، لأن كل علم يُعتبر مستقلاً عن غيره.

هذا النظم وجيز جدًا، ولذلك لم يذكر فيه الخلاف ولم يذكر فيه شيئًا من الترجيح، بل حتى الأمثلة لم يذكر إلا الشيء اليسير جدًا الذي لا يكاد يُذكر، وإنما هو سُلَّم للمبتدئ ليصل به إلى المطولات وليضبط بعض المصطلحات المشهورات عند أرباب هذا الفن.

فمقصودي أن المسائل التي شاعت في كل فن هذه كاسمها مشاعة ليست خاصة بكتاب دون كتاب.

خامسًا: منظومة ((مائة المعاني)) أو ((الجوهر المكنون)) - وهذا محط الفائدة هنا - هل هذا أو ذاك؟ [أيُّ أو $ ٢٢.٠١ هل للتخيير] أيَّ النظميين يحفظ الطالب ((مائة المعاني)) أو ((الجوهر المكنون)

نقول: ((الجوهر المكنون)).

هذا النظم كما ذكرنا عدد أبياته مائة بيت يعني: إذا أخرجنا المقدمة حينئذٍ صار كم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>