للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا قول الناظم: (إِنْ قَصَدَ المُخْبِرُ - بخبره - نَفْسَ الحُكْمِ). أي: الحكم نفسه (نَفْسَ الحُكْمِ) من إضافة الصفة إلى الموصوف، والمراد بالحكم هنا وقوع النسبة أو لا وقوعها، الذي هو المحكوم به إطلاقًا للمصدر على اسم المفعول مجازًا، كقولك: زَيْدٌ قَائم. لمن لا يعرف أنه قائم فهو حكم أفاد فائدة لم تكن عند المخاطَب، إذا أفدت المخاطَب فائدة ليست عنده هذا هو النوع الأول، (فَسَمِّ ذَا فَائِدَة)، الفاء هذه واقعة في جواب الشرط ... (إِنْ قَصَدَ) (فَسَمِّ) الفاء هذه واقعة الجواب الشرط، و (ذَا) اسم إشارة للمفرد في محل نصب مفعول أول لـ (سَمِّ)، و (فَائِدَة) هذا مفعول ثانٍ، لأن (سَمِّ) هذا يتعدى إلى مفعولين فينصب الأول بنفسه وقد يتعدى إلى الثاني بنفسه أو بالباء، سميت ولدي محمدًا، سميت ولدي بمحمدٍ يجوز فيه الوجهان، (فَسَمِّ ذَا فَائِدَة)، إذًا (ذَا) في محل نصب مفعول أول لـ (سَمِّ)، ومفعوله الثاني (فَائِدَة)، والمشار إليه بقوله: (ذَا) أي: هذا الحكم الذي يُقصد بالخبر إفادته (فَائِدَة) أي: فائدة الخبر.

إذًا هذا هو النوع الأول الذي يكون مقصودًا للمتكلِّم العاقل.

(وَسَمِّ إِنْ قَصَدَ) المخبِر بخبره (الأِعْلاَمَ) أي: إعلام وإخبار المخاطَب (بِالْعِلْمِ بِهِ) أي: بالعلم بأن المتكلم عالم بالحكم، يعني: ليس ثَمَّ قصد للمتكلم أن يخبر المخاطب بشيء لا يعلمه، لأنه يعلمه باعتباره هو المخاطَب من حيث إفادة الحكم هذا من باب تحصيل الحاصل، تقول: زيد عندك. أنت تعلم أن زيد عندك. إذًا نقول: هذا من باب تحصيل الحاصل، والأصل فيه أن الكلام يكون لغوًا، لكن لَمَّا رُوعِيَ فيه اللازم وهو إفادة المخاطَب أني أعلم ما تعلمه أنت صار فيه فائدة، لكنها ليست من ذات اللفظ، فذات اللفظ يدل على النسبة فقط قيام زيد ثابت أو القيام ثابت لزيد، كونه يعلم يعني: المتكلِّم بمدلول الخبر وهو إعلام المخاطَب بذلك هو شيء خارج، واللازم كما مر معنا أنها شيء خارج عن مدلول اللفظ، (الأِعْلاَمَ) أي: إعلام وإخبار المخاطَب بالعلم به أي: بالعلم بأن المتكلم عالم بالحكم كقولك لمن زيد عنده [يعلم ويعلم نعم أنك أو] (١) لا يعلم أنك تعلم ذَلِكَ زَيْدٌ عِنْدَه (لاَزِمَهَا) أي: لازم فائدة الخبر مفعول يُسَمَّي وجواب إن محذوف، يعني: قصد الإعلام بالعلم به (فَسَمِّ) لازمها، يعني لازمها هذا متعلق (سَمِّ) مفعول به، طيب أين الجواب إن قصد الإعلام بالعلم به فسمه لازمها؟

تُقَدِّرُ له جوابًا محذوفًا لأنه أَخَّرَ المفعول به وقدَّم العامل (سَمِّ) ووسط بينهما بين العامل والمفعول به جملة (إِنْ قَصَدَ الأِعْلاَمَ بِالْعِلْمِ بِهِ)، (بِالْعِلْمِ بِهِ) يعني: بمدلول الخبر، فإذا كان كذلك فسمها لازمها، أي: لازم فائدة الخبر مفعول (سَمِّ) وجواب إن محذوف كما ذكرنا.

والحاصل: أن قَصْدَ الْمُخْبِر بخبره إفادة المخاطَب أحد أمرين:

إما الحكم الذي ضمنه الخبر، وهو النسبة محكوم بها ويسمى فائدة الخبر وهو الأصل في الكلام.

وإما كون المخبر عالمًا بالحكم، ويسمى لازم فائدة الخبر.


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>