للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحذف ما جائز كما تقول زيد بعد من عندكما

من عندكما؟ زيد. حذفت ماذا؟ [الخبر أي أنا ذكرته على أنه مبتدأ لذلك سرحت] بعد من عندكما؟ يعني زيدًا، فلتتأملوا [ها ها] الداعي الموجب لرجحان الحذف على الذكر، والثاني يذكر هنا في هذا العلم.

قال الناظم رحمه الله تعالى:

الحَذْفُ لِلصَّوْنِ وَلِلإِنكَارِ ... وَالإِحْتِرَازِ أَوْ لِلإِخْتِبَارِ

حذف يعني حذف المسند إليه، يكون لواحد من هذه الأمور الأربعة، هي أكثر من ذلك لكن ذكر لك أربعة ونكتفي بها: الصَّوْنِ، الإِنكَارِ، الإِحْتِرَازِ، الإِخْتِبَارِ.

الحذف أي حذف المسند إليه وأل هنا نائبة عن مضاف إليه، أو للعهد الذهني أو الذكري؟ لأنه ذكر باب الثاني (أَحْوَالُ المُسْنَدِ إِلَيْهِ) حذف: حذف المسند إليه إذا ذكر أولاً ثم ضُمِّنَ بأن، لكن هذا لا يقال فيه هكذا، العهد الحضوري، أي هذا المسند إليه، متى يكون للعهد الذكري؟

إذا سُبِقَ له ذِكْرٌ، وهذا يكون صريحًا {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: ١٥، ١٦] نفس الكلمة أعيدت، هنا لم تعد نفس الكلمة، لو قال: مسند إليه، المسند قلنا: هذا الثاني هو عين الأول، لكنه قال: الحذف أي حذف المسند إليه، حينئذ تكون أل للعهد الذهني، أو على مذهب الكوفيين أنه عِوَض عن المضاف إليه، الحذف أي حذف المسند إليه (لِلصَّوْنِ) يعني كائن (لِلصَّوْنِ)، حذف مبتدأ و (لِلصَّوْنِ) متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، (لِلصَّوْنِ) أي صون المسند إليه عن ذكره بلسانك تعظيمًا له، قد يكون مسند إليه عظيم حينئذ لعظمته في نفسك تصونه تصون المسند إليه، ليس صون لسانك أنت، هذا مبحث آخر، إنما تصون المسند إليك عن ذكره بلسانك، فهو أعلى من أن تذكره أنت بلسانك، وجدت الشيء عندهم حتى تذكره بلسانك كقول القائل:

وإياك واسم العامرية إنني ... أغار عليها من فم المتكلم

هذا ليس مثال للحذف، وإنما أنه قد يحذف المسند إليه من أجل الصيانة أو صون المسند تعظيمًا له، مثاله:

نجوم سماء كلما انقضَّ كوكب ... بدا كوكب تأوي إليه كواكب

أي هم نجوم سماءٍ، نجوم سماء هذا خبر لمبتدأ محذوف، حذف المبتدأ المسند إليه، المسند إليه حذفه لماذا؟

أولاً: يجوز الحذف بدلالة السياق والقرائن عليه.

ثانيًا: لِمَ حُذِفَ؟ صونًا له عن أن يُذكر. هم نجوم سماء، وحذف المسند # ١٢.٠٧ إليه صيانة له. قال: ومنه قوله: رب السموات والأرض. أي هو رب السموات والأرض أو يكون حذفه لأجل صونك أنت عن ذكره، عكس الأول، الأول تصون المسند إليه تحفظه، الصون هو الحفظ، تصونه عن أن تذكره بلسانك فهو أعلى وأعظم من تذكره بلسانك، هنا العكس يكون المسند إليه حقيرًا فتصون لسانك أنت، والصون هنا عام يشمل النوعين أو يكون حذفه لأجل صونك أنت عن ذكره تحقيرًا له على حد قول القائل:

ولقد علمت بأنهم نجس ... فإذا ذكرتهم غسلت فمي

ولقد علمت بأنهم نجس، هذه أشخاص أو أناس أو قوم، فإذا ذكرتهم بلساني غسلت فمي، يعني كأنه تنجس المحل نجاسة حكمية، وذلك كقوله:

قومٌ إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واثتوثقوا من ركاد الباب والدار

<<  <  ج: ص:  >  >>