ففي قوله: إن الذي سمك السماء: إيماءٌ إلى الخبر المبتني أو الْمُبْتَنَى عليه، أمرٌ من جنس الرفعة وفيه تعريضٌ بتعظيم بنائه لكونه فِعْلَ من رفع السماء لا بناء أرفع منها، الذي رفع السماء هو الذي بنى قصرًا، إذًا كيف يكون حال القصر؟
عظيم هذا المراد به، والإيماء، أي: الإشارة إلى وجه بناء الخبر أي: بناء المسند على المسند إليه، يعني: ما العلة؟ قد يشار بالاسم الموصول يعني: يؤتى بالمسند إليه وكذلك حتى في المسند يؤتى بالاسم الموصول من أجل ... أن يُمَهَّدَ بأن علة الخبر الذي هو الحكم ما اشتمل عليه الموصول من ... الصلة:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: ٦٠]. ما علة قوله:{سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ}؟ استكبارهم. من أين أخذته؟ {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ}. إذًا جيء بالصلة هنا من أجل التمهيد لكون الخبر معلل. معلل بماذا؟ بما اشتملت عليه الصلة. {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} فإن الاستكبار الذي تضمنته الصلة فيه إيماء يعني: إشارة إلى أن الخبر المبني عليه أمرٌ من جنس العقاب والإذلال فكان مناسِبًا لإسناد {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أي ذليلينَ إلى الموصول، حينئذٍ جاء بالفاتحة كما قال التفتازاني: على وجهٍ ينبه الفطن على الخاتمة. {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} لو وقف هنا سيعلم أن عقابًا ينالهم، وهذا جاء بالصلة في الأول.
(وَالتَّفْخِيمِ) أن يؤتى بالمسند إليه موصولاً لأجل التفخيم في مقام التعظيم والتهويل كما في قوله تعالى: {فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}[طه: ٧٨]. {مَا غَشِيَهُمْ} أي: موجٌ عظيم لا يكتنه كنهه ولا يمكن وصفه، فإن في هذا الإبهام من التفخيم ما لا يخفى، فلو قيل: فغشيهم الغرق حينئذٍ علقه بمعلومٍ لكن {فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} هل هو غرق؟ هل هو هلاك؟ هل هو زلزال؟ هل .. هل .. ، يحتمل ويحتمل، فحينئذٍ يتصور بالذهن أن هذه كلها قد وقعت لكن لو قال: غشيهم الغرق حينئذٍ كان فيه تخصيص للعذاب، فلو قيل: فغشيهم الغرق لم يفد هذا التفخيم، (وَصِلَةٌ لِلجَهلِ وَالتَّعْظِيمِ لِلشَّانِ)، للشأن هذا متعلق بقوله التعظيم (وَصِلَةٌ لِلجَهلِ)، (وَصِلَةٌ) هذا مبتدأ و (لِلجَهلِ) هذا خبر، والبقية معطوفاتٍ عليها، والمسوغ هنا التفصيل، أو يراد كقصد الجنس صلة حينئذٍ صار في حكم المعرفة (وَالإِيمَاءِ وَالتَّفْخِيمِ) ثم قال: