للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطهارة والحدث وجهل السابق منه لا يدري أيهما أسبق (فهو بضد حاله قبلهما) إن علم فإن كان قبلهما متطهراً فهو الآن محدث وإن كان محدث فهو الآن متطهر؛ لماذا؟ لأنه قد تيقن زوال تلك الحالة إلى ضدها فإذا كان قبل الزوال على حدث فهو على يقين أنه انتقل من الحدث إلى ضده لأنه قد أوقع طهارة إذاً حصل اليقين بالتطهر الحدث مشكوك فيه وإذا كان قبل الزوال متطهراً فقد وقع حدث بيقين إذاً انتقضت تلك الطهارة حينئذٍ الطهارة مشكوك فيها وإن لم يعلم حاله قبلهما وجب عليه أن يتطهر وإذا أراد أن يستريح يتوضأ مباشرة، (ويحرم على المحدث مس المصحف) بعد ما بين لنا ما سبق بين ما يترتب على المحدث مما يحرم عليه من الأحكام الشرعية (ويحرم) والتحريم معروف وهو ما طلب الشارع تركه طلباً جازماً (على المحدث) سواء كان حدث أكبر أو حدث أصغر (مس المصحف) والمصحف ما كتب فيه القرآن سواء كان كاملاً أو غير كامل لا يشترط فيه أن يكون القرآن كاملاً لا؛ لو لم يكن القرآن كامل بل ولو آية واحدة كتبت في ورقة ولم يكن معها شيء فيه قرآن يعني يحكم لها بحكم المصحف لو وجد ورقة واحد وليس فيها إلا آية حينئذٍ يحكم لها بحكم المصحف فحكم البعض كحكم الكل يحرم مس المصحف الذي بين دفتيه القرآن كاملاً ويحرم مس المصحف ولو كان آية واحدة كتبت في ورقة بشرط أن لا يكتب معها شيء آخر، والدليل على ذلك قوله تعالى (لا يمسه إلا المطهرون) يعني من الجنابة والحدث، وقوله صلى الله عليه وسلم في ما كتبه في كتابة لعمرو بن حزم (لا يمس القرآن إلا طاهر) رواه النسائي وغيره متصلاً قال بن عبدالبر [إنه أشبه التواتر لتلقي الناس له بالقبول] وهذا مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يجوز مس المصحف إلا بطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، قال بن هبيرة [أجمعوا على أنه لا يجوز للمحدث مس المصحف]، الثاني مما يحرم على المحدث الصلاة قال (والصلاة) يعني ولو نفلاً سواء كانت فريضة أو نفلاً وهذا محل وفاق، والمراد بالصلاة هنا التي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم يعني النظر هنا إلى التكبير والتسليم لأن الصلاة على نوعين صلاة ذات ركوع وسجود وصلاة ليست ذات ركوع وسجود الأول معروفه المكتوبات وغيرها النوافل والثاني صلاة الجنازة كلاهما يشترط لصحتهما الطهارة من الحدثين وهذا محل وفاق وإن نازع في صلاة الجنازة بعضهم كابن جرير رحمه الله تعالى وغيره والصحيح أنها تشرط لها الطهارة، إذاً (الصلاة) المراد به هنا التي تحريمها التكبير وتحليلها التسليم سواء كانت ذات ركوع وسجود أم لا، فتدخل صلا ة الجنازة حينئذٍ يحرم على المحدث أن يقبل على صلاة ولو نافلة ولو جنازة دون أن يكون متطهراً فإن أقبل وهو متعمد ففي كفره قولان لأنه مستهزئ والجمهور على أنه ليس بكافر وإن لم يكن متعمداً فهو معذور ولا أثم عليه والأصل في ذلك قوله جل وعلا (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) إلى آخر الآية ولحديث (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) قال ابن القيم [صلاة الجنازة صلاة لأن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم وهو قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف عنهم فيه خلاف وقول الأئمة الأربعة وثبت عن النبي صلى الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>