للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج العملي

والدفعة الأولى لمدرسة القرآن

الدفعة الأولى:

ذاق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حلاوة الإيمان من خلال القرآن، وأدركوا قيمته وقدرته الفذة على التغيير وبث الروح، فأقبلوا عليه، وانشغلوا به، وأعطوه الكثير من أوقاتهم، وانجذبت مشاعرهم نحوه عند لقائهم به لدرجة الاستغراق والهيمنة، حتى أصبحوا لا يملكون دمعهم حين يبدأون التلاوة، بل إن بعضهم كان يمرض من شدة أثر القرآن عليه، والبعض الآخر كانت الأنوار تشاهد في داره عند قراءته، والكثير منهم كان يعيش مع آية من الآيات ساعات طوالاً يقرؤها ويكررها ويبكي، ولا يملُّ من ذلك.

وإليك أخي بعضًا من الأخبار التي وردت عن مظاهر تأثر الصحابة رضوان الله عليهم بالقرآن:

* في أثناء مرض الرسول صلى الله عليه وسلم قال لمن حوله: «مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس».

فقالت عائشة: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل رقيق، إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه (١).

* وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء - بنت أبي بكر - كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله (٢).

* وكان عمر بن الخطاب يمر بالآية فتخنقه، فيبقى في بيته أيامًا يُعاد، يحسبونه مريضًا (٣).

* وفي يوم من الأيام قال بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تر ثابت بن قيس بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح؟! قال: «فلعله قرأ بسورة البقرة»، فسُئل ثابت، فقال: قرأت سورة البقرة (٤).

* وقال رجل من أهل مكة لمسروق - أحد التابعين-: هذا مقام أخيك تميم الداري، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو كاد أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله، يركع ويسجد ويبكي {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} فلم يزل يرددها حتى أصبح (٥).


(١) متفق عليه.
(٢) الدر المنثور ٥/ ٦١٠.
(٣) صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجهودهم في تعليم القرآن الكريم/ ١٥٦.
(٤) فضائل القرآن لأبي عبيد ص ٦٦.، وابن كثير في فضائل القرآن، وقال: إسناده جيد.
(٥) المصدر السابق/ ١٤٥.

<<  <   >  >>