الصخرة أغلقت الغار
فهل إلى خروج من سبيل؟!
لو تأملنا المرحلة التي تعيشها أمتنا لوجدناها تتشابه إلى حد كبير مع مرحلة التية التي مرت بها بنو إسرائيل عندما رفضوا دخول الأرض المقدسة، فكان العقاب الإلهي {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} [المائدة: ٢٦].
والجدير بالذكر أن بني إسرائيل ظلوا خلال هذه المدة يبحثون عن مخرج من التية، وكلما توهموا مخرجا اندفعوا إليه، وبذلوا فيه جهدهم، ليفاجأوا بعد ذلك أنه سراب، وأنهم لم يبرحوا مكانهم.
وكذلك نحن، فمنذ عقود طويلة والمخلصون من أبناء أمتنا يبحثون عن مخرج يُنقذها من تيهها، إلا أن هذا البحث - مع ما فيه من جهد وإخلاص- تنقصه حلقة مهمة لكي تكتمل السلسلة وتظهر النتيجة المرجوة، وتنفرج الصخرة إنفراجًا يتيح للأمة الخروج من مأزقها الراهن.
هذه الحلقة المفقودة تُعني بتشخيص السبب الرئيسي لمرض أمتنا وكيفية علاجه، وتنطلق من مفهوم يقول بأن أمتنا ليست كبقية الأمم، وأن لها وضعا خاصا عند الله عز وجل، فهي الأمة المكلفة منه سبحانه بحمل رسالته الأخيرة للبشرية وتبليغها للعالمين: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣].
{وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: ٧٨].
[فصيلة دم الأمة]
فإن كانت أمتنا مكلفة من الله عز وجل بحمل رسالته للناس أجمعين، فإنها لن تستطيع أن تقوم بهذه المهمة إلا إذا تقوَّت بالإيمان.
فالإيمان هو الذي يعين أبناءها على ترجمة هذه الرسالة إلى واقع حي يراه الناس، ويولد داخلهم القوة الدافعة للقيام بمهمة البلاغ.
لذلك نجد أن الله عز وجل قد ربط بين علونا وقيادتنا للبشرية وبين الإيمان الذي تحمله صدورنا .. ألم يقل سبحانه: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٣٩].
فالحماية والولاية والكفاية والنصرة على قدر الإيمان:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: ١١].
{وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:١٤١].
والإيمان هو أهم شرط للتمكين:
{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: ٥٥].