عبارة الجوهري، ويرد عليهما أيضًا أن إيراد الفعل المجهول بعد الفعل المعلوم لغو؛ لأنه حيثما وجد المعلوم المتعدى وجد المجهول وهذا الأسلوب عندي بدعة، والمصنف احتذاه في مواضع كثيرة من كتابه فمن ذلك قوله الذعر بالضم الخوف، ذعر كعنى فهو مذعور ثم قال وبالفتح التخويف والفعل كجعل وهو صريح في أنه يقال ذعره أي خوفه فما معنى ابتدائه بالفعل المجهول قبل الفعل المعلوم مع أن صاحب المحكم وصاحب المصباح اقتصرا على إيراد المعلوم وهو الحق، وأغرب من ذلك أن ثعلبًا أورد في فصيحه ذعر فهو مذعور في باب فعل بضم الفاء موهمًا أن ليس له معلوم،
• ومن ذلك قوله أي قول المصنف نتجت الناقة وقد نتجتها أهلها وإيراده ابتيض القوم بعد قوله ابتاضهم أي استأصلهم وحل المكان بالضم بعد قوله في أول المادة حل المكان بالفتح، وشغل كعنى بعد قوله شغل وهزل بعد قوله هزل واخترم بعد قوله اخترم وغبن بعد قوله غبن، ومنى بعد قوله منى وقوله نشغ الصبي أوجره إلى أن قال وقد نشغ الصبي كعنى أوجر وله نظائر كثيرة وما أراه إلا لغوًا وإلا لزم أن يقال حمد الله وقضى الأمر ورفعت السماء ودحيت الأرض ودك الجبل إلى ما لا نهاية له نعم إذا ثبت أن العرب لم تنطق بفعل إلا مبنيًا للمجهول، فحينئذ يتعين ذكره على أن إثبات هذا النوع لا يخلو من نظر، فإني رأيت بعض أئمة اللغة يقتصرون على ذكر الفعل المجهول وبعضهم يذكر له معلومًا كاقتصار الجوهري على التمع لونه أي ذهب وتغير، وابن سيده حكى التمع للمعلوم ومثله انتشف لونه وانتشف وكاقتصاره أيضًا على عنى بالضم والمصنف ذكر له معلومًا ونص عبلوته عناه الأمر بعينه ويعنوه أهمه واعتنى به اهتم، ومع ذلك فإنه يزن كل فعل مجهول على عنى كما تقدم،
• وأغرب من ذلك كله قول صاحب المصباح واعتنيت بأمره اهتممت واحتفلت وعنيت به أعني من باب رمى أيضًا عناية كذلك وعناني كذا يعنيني عرض لي وشغلني فأنا معني به والأصل مفعول وعنيت بأمر فلان بالبناء للمفعول عناية وعنيًا شغلت به، وربما قبل عنيت بأمره بالبناء للفاعل فانا عان، فما معنى قوله هنا ربما بعد أن قال أولاً وعنيت به من باب رمى أيضًا عناية كذلك والحق بذلك قول المصنف في هنش هتش الكلب كعنى فاهتتش أي حرش فاحترش خاص بالكلب أو بالسباع، وعبارة الجمهرة هتشت الكلب اهتشه هتشًا إذا أغريته لغة يمانية وعبارة المحكم هتش الكلب والسبع يهتشه هتشًا فاهتش حرشه فاحترش يمانية ومثلها عبارة اللسان وله نظائر،
• في نصف النصيف الخمار والعمامة وكل ما غطى الرأس إلى أن قال ونصف الجارية تنصيفًا خمرها وحقه ألبسها النصيف ثم قال وانتصفت الجارية اختمرت كتنصف وحقه كتنصفت على أنه لم يذكر للتخمير معنى سوى التغطية،
• في ضغف ضغيفة من بقل وذلك إذا كانت الروضة ناضرة متخيلة وحق التعبير أن يقال الضغيفة الباقة من الروضة الناضرة