للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله قطع لسانه أسكته بالإحسان، فهو مأخوذ من الحكاية المشهورة عن العباس بن مرداس السلمي وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نفل من غنائم حنين كلاً من عيينة بن حصن رئيس بني فزارة والأقرع بن حابس رئيس بني تميم مائة من الإبل ونفل العباس هذا وهو رئيس بني سليم اباعر سخطها فقال يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:

(أتجعل نهبي ونهب العبيد ... بين عيينة والأقرع)

(وما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع)

(وما كنت دون امرئ منهما ... ومن تضع اليوم لا يرفع)

فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي قم فاقطع لسانه، فقال العباس أو إنك قاطع لساني، فقال علي رضي الله عنه إني لممض فيك ما أمرت به، قال فمضى بي حتى أدخلني الحظائر وقال اعتد ما بين الأربعين من الإبل إلى مائة إلى آخر القصة، والعبيد اسم فرسه فلو كان معنى قطع لسانه بمعنى أسكته بالإحسان أصلاً في اللغة لما خفى على العباس ولما فات الجوهري،

• وفي العباب سأل النبي صلى الله عليه وسلم سائل فقال اقطعوا عني لسانه أي ارضوه حتى يسكت فهم المأمور بقطع لسانه فعوود النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال أنا أمرت أن يكف عني لسانه بخير، ثم ذكر قصة العباس فهذا صريح في أن قطع اللسان غير موضوع في اللغة، ثم إن الأخفش كان يجعل منع مرداس من الصرف من ضرورة الشعر وأنكره المبرد ولم يجوز في ضرورة الشعر ترك صرف ما ينصرف وقال الرواية الصحيحة يفوقان شيخي،

• ونحو من ذلك قوله ستى للمرأة أي ياست جهاتي أو هو لحن وهو مأخوذ من قول البهازهير:

(بروحي من أسميها بستى ... فتنظرنى النحاة بعين مقت)

(يرون بأنني قد لحنت ... وكيف وإنني لزهير وقتي)

(وقد ملكت جهاتي الست حقًا ... فما لي لا أسميها بستى)

ولو طاوعه الوزن على أن يقول اللغويون مكان قوله النحاة لما عدل عنه؛ لأن ذلك موضوعه اللغة لا النحو وأيًا كان فاللغة لا تثبت بمثل ذلك،

• ومما تهافت عليه من المبالغة خلافًا لما رواه غيره قوله في عبد وفي حديث معضل (نعت حديث) أن أول الناس دخولاً الجنة عبد أسود يقال له عبود وذلك أن الله عز وجل بعث نبيًا إلى أهل قرية فلم يؤمن به أحد إلا ذلك الأسود وأن قومه (أي قوم النبي) احتفروا له بئرًا فصيروه فيها وأطبقوا عليه صخرة فكان ذلك الأسود يخرج فيحتطب فيبيع الحطب ويشتري به طعامًا وشرابًا، ثم يأتي تلك الحفرة فيعينه الله تعالى على تلك الصخرة فيرفعها ويدلي له ذلك الطعام والشرب، وأن الأسود احتطب يومًا ثم جلس ليستريح فضرب بنفسه الأرض شقه الأيسر فنام سبع سنين ثم هب من نومته وهو لا يرى إلا أنه نام ساعة من نهار فاحتمل حرمته فأتى القرية فباع حطبه ثم

<<  <   >  >>