الرماحا وتكثر الصياحا، قالوا: فأين ذلك يا ظريفة؟ فقالت: سيروا إلى عك بالسيوف، فلكم منهم صروف وضراب وحتوف. فزعموا أن ظريفة أول من سماهم غسان، وقيل أن غسان شرب مازن من السد وقال حسان بن ثابت:
أما سألت فانا معشر نجب ... الأسد نسبنا والماء غسان
وقد اختلف الناس في غسان فقالوا: هو ماء لبني زبيد نزل عليه بنو مازن فسموا به، وقال قوم: هو ما بين الجحفة والمشلل نهر يسمى غسان فنزلوا عليه فغلب عليهم اسمه، وقال أكثر العلماء: إنه شربهم من السد - وعلى هذا عامة العلماء - وغسان هم: بنو مازن بن الأزد خاصة وهذا وفق الأحاديث لأنه شرب لبني مازن من سد سبأ. فلما انتهوا إلى عك أرسل الملك عمرو بن عامر إلى سملقة بن حباب العكي يسأله في النزول في أرضهم قليلاً ثم يرتحلون عنهم إلى أرض غيرها، وإن سملقة سيدعك دعا قومه فقال لهم: ما ترون أن الملك عمراً قد أرسل إلي وقال:
إنا قدمنا بلادكم وأردنا المقام يسيراً مقام الزيارة فواسونا قليلاً حتى نرحل عنكم، فما ترون في بني عمكم وقد سألوكم حسن الجوار يسيراً وقد كرهوا أن ينزلوا أرضكم بغير رضا منكم ولا إذن؟ فقالت عك: ذلك إليك يا سملقة غير إنه ما نزل قط قوم على قوم وعرفوا وجوه أرضهم فوطوءها إلا كانت لهم الغلبة عليهم. وقد قال يعرب بن قحطان: ويل للمنزول عليه من النازل المنزول عليه يلين الجوار والنازل مع ذلك متطول. فقال سملقة: ليس هذا من فعل عمرو بن عامر لأنه ملك، سيروا إليه بأسركم فإنه أقرب إليكم رحماً وأعظم عندكم منزلة من أن يفعل بكم هذا. قالوا له: امض أنت وافعل ما أحببت. فسار إليه سملقة فقال له: