أيها الملك اختر أي جانب من الوادي شئت ان شئت شرقيه وإن شئت غربيه فانزله. فقال له: جذع بن سنان - وكان صعلوكاً في غسان وفاتكها في ذلك الزمان -: أيها الملك الغربي أحسن لأنه مجمع السيول ومستقر الماء. فقال له الملك: الغربي أحسن يا سملقة. فنزل عمرو في غربي الوادي بمن معه وبعث ابنه حارثة رائداً مع رواد في خيل يرتادون له منزلاً، وبعث ابنه الحارث في جهة أخرى بخيل يرتادون له منزلاً، ثم نحر الملك عمرو وأمر بالطعام ونادى إلى عك فأجابوه إلى طعامه فأحسن إليهم وجملهم وأعطاهم - وإن عمراً بن عامر اعتل فمات قبل أن يرجع إليه ابناه - وستخلف ابنه ثعلبة العنقاء في قومه وأقام ثعلبة ينتظر أخويه المرتادين. قال: ونزل عند بني حارثة بن عمرو بن عامر وهم رهط جذع بن سنان رجال من الجن وفيهم قاشر الجني، فلما جلسوا حلبوا لهم اللبن وشربوا، فقال لهم قاشر الجني: يا معشر غسان ما بال لبنكم ليس كلبن بني عمكم عك، لبنكم مالح مصرح رقيق ولبن بني عمكم غليظ دسم؟ قالوا له: لا ندري لم ذلك! قال لهم قاشر الجني: نحن أعلم بذلك منكم، إنما أتيتم في أموالكم ومواشيكم من قبل الأرض وذلك أن بني عمكم أنزلوكم غربي الوادي وأسفل النهر ومستقر
السيول فمواشيهم تشرب صفو الماء ثم تسرح في غربي الوادي فتستقبل الريح بوجوهها وتستدبر الشمس بظهورها فتسخن متونها وتنزل ضروعها وإذا طلعت الشمس طلعت مكانها فأصابت الكلأ قد اطعم نواره وذاب جليده وشرب نداه أصله فاستد نياته وزكى طعمه. قال: ونزلتم يا معشر غسان في غربي الوادي وأسفله فأنعامكم تشرب كدر الماء وتسرح شرقي الوادي وتستقبل