الشمس بأبصارها فتكل عن البذر وتضعف أبدانها وتستدير الريح بظهورها فتبرد متونها وتنكمش ضروعها، وإذا طلعت الشمس فلا تبلغكم إلا بعد ارتفاعها، فكلاكم ظليل أبداً لا يبرز زهره ولا يشرب نداه أصله - فمن ثم لبنكم رقيق مالح فكلموا بني عمكم يعاقبوكم من أرضهم قبل أن تهلك أنعامكم - قال: فعند ذلك بعثت غسان إلى عك اعقبونا من المنزل ولا تستأثروا علينا هذه الأثرة كلها، فقالت علك: يا قومنا الأرض أرضنا، وإنما أنتم ضر علينا ولولا السيد الكريم والملك الرحيم عمرو بن عامر ما أنزلنا كم ولو كنتم قد أخذتم الشرقي ما منعناكم فقد واسيناكم أفضل المواساة فلا تبغوا علينا فانه لا يسعكم البغي، فقال ثعلبة العنقاء: صدق بنو عمكم فكفوا عنهم فقد أحسنوا إليكم في مواساتكم فاخترتم منزلكم الذي أنتم فيه فلا تجعلوا لهم ذنباً لم يذنبوه غليكم ولا ذنب لهم ولا تبغوا عليهم وهذا منكم بغي. فقام جذع بن سنان - وهو أعور وأصم - فقال: صدقت أيها الملك. ثم أتى إلى ابن عم له يقال له زوبعة فقال له: إن الملك أراد أن يتم لعلك عهدهم - وهو حدث غر لا يعرف الشر من الخير - ولكن يا زوبعة لا بد لك أن تقتل لي سملقة بن حباب - وكان زوبعة صاحباً لسملقة - فقال له زوبعة: ويحك يا جذع إنه أخي وصاحبي فكيف أقتله؟ قال له جذع: قد أخبرتك، فأتى زوبعة الغساني إلى سملقة العكي فقال له: يا بن العم عقب ابن عمك في المنزل لتعرف العرب إكرامه فانه يكره الرحم وفساد ما بيننا وبينك واعلم أن مقامنا في بلادكم قليل حتى نرتاد منزلاً؟ فقال له
سملقة: إني أحب مسرتك وانك لتطلب غير النصف وانك لتعلم ما يريد أصحابك وما قال لهم قاشر