وإن الملك على حمير باليمن لخنيعة ذو شناتر قبل ذي نواس بدهر طويل فقتله ذو نواس. قال معاوية: صدقت، فكم ملك رائش؟ قال: ملك مائتي سنة وخمساً وعشرين. فقال: فمن ملك بعده؟ قال: ابنه أبرهة بن الرائش - وكان يدعى ذا المنار - وكان من أجمل أهل زمانه - فيما يذكر - فعشقته امرأة من الجن - يقال لها العيوف - ويروى أنها الهيوف بنت الرابع فتزوجها، فولدت له العبد بن أبرهة، فسار أبرهة غازياً نحو المغرب ومعه ابنه العبد فسيره على مقدمته واستخلف على اليمن ابنه أفريقيس ابن أبرهة. فسار أبرهة حتى أوغل في أرض السودان براً وبحراً وأمعن فيها. ثم بدا له المقام فأقام وسرح أبنه العبد بن أبرهة في غربي الأرض في عسكر، انتهى إلى بلاد قوم وجوههم في صدورهم. إذا كان النهار وحرت الشمس استخفوا في الماء، فوضع فيهم السيف حتى أفناهم ورجع إلى أبيه يسبي كثير وأصاب من الأموال شيئاً عجيباً وأخذ منهم قوماً فلما قدم بهم إلى أبيه ذعر الناس منهم فسمي ذا
الاذعار قال: وإنما سمي العبد بن أبرهة ذا الاذعار لذلك.
قال: نعم. قال معاوية: فاخبرني لم سمي أبرهة ذا المنار؟ قال عبيد: يا أمير المؤمنين، إنه لما رجع أبرهة من غزوته تلك أمر بمنارة فبنيت وشبت فيها النيران ليهتدي بها جيوشه، وكان ذلك المنار يا أمير المؤمنين أول منار وضعته الملوك - فسمي لذلك ذا المنار - قال: ثم رجع إلى اليمن فلم يغز حتى مات. قال معاوية: فهل قيل في ذلك وفي ذي المنار شعر؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين قد قال فيه رجل من حمير من أهل بيته ومن خاصته - يقال له المحموم بن مالك بن يزيد بن غالب بن المنتاب بن