للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الاستثمار من ناحية أخرى، مادام الانتقال إلى المرحلة الصناعية لا يمكن أن يتم دون فائض في الإنتاج الزراعي؛ والمفروض أن هذا الانتقال سيحدث مع تطبيق الاشتراكية على وسائل الإنتاج، ولكننا نصادف هنا المشكلة الثانية في الاقتصاد الإسلامي، وهي مشكلة المواد الأولية؛ وكما حدث في الأولى، يحدث في هذه المشكلة، فتتراكب العناصر الاقتصادية المحضة فوق العناصر النفسية، التي لا نحتاج أن نعود هنا إلى الحديث عنها. ويبقى علينا أن ننظر إلى زيادة الإنتاج الزراعي الذي يشمل بقدر كبير جميع برامج التجهيز الصناعي، من الزاوية الاقتصادية المحضة.

ومن هذه الزاوية تواجهنا مشكلة تسويق المواد الأولية، فالبلاد الإسلامية مضطرة في الظروف التي توجد فيها الآن إلى أن تصدر المواد الخام، تلك التي لا تملك وسائل تغييرها وتصنيعها في بلادها؛ ومن هنا تكون مرحلة جديدة في مواجهة هذه البلاد لمحور واشنطن - موسكو، هنالك حيث تقوم صناعات التحويل والتغيير، وتلك هي المواجهة الاقتصادية التي تظهر نتائجها بصورة طبيعية في الميزان التجاري لتلك البلاد، وخاصة في الخسارة التي بلغت ١٦% في دخلها الكلي خلال السنوات التي أعقبت تحررها.

ونحن نصادف مرة أخرى هنا مشكلة (الوعي الاقتصادي) والتخصص الفني، أعني مشكلة توجيه الثقافة وتكوين الإطار الاجتماعي. ولكن بصرف النظر عن هذه العناصر الداخلية التي يجب أن نضيف إليها نتائج الأحداث الثورية التي أدت إلى التحرر، مع تفاوت في درجتها الثورية، فإن الخسارة تنتج أيضاً بقدر ما عن ظروف السوق الدولية. وبالنسبة لهذا الجزء من المشكلة تواجهنا مشكلة تسويق المواد الأولية، وهي تواجهنا أولاً بمنطق الأسواق المالية، بكل ما يحمل هذا المنطق من اصطناع ومكيافيلية وتزييف. وبدهي أن تسعير السوق المالية يبدأ من علاقة (المادة الأولية بالعملة) تلك العلاقة التي يحددها

<<  <   >  >>