لا يتعدى منذ سنة ١٩٦٩، عشرة مليارات دولار من الذهب، أي إن طاقتها المالية المقدرة بما لديها من ذهب، لا تفي بمبالغ المشروع ولا تغطيها، لأن تثمين مدينة نيويورك، مع محتوياتها الاجتماعية، سوف يكون فوق هذا الإمكان المالي مقدراً بالذهب.
ومن هنا يتبدى لأذهاننا أمران:
١) إن أميركا لا تستطيع بإمكانها المالي أن (تشتري) مدينة نيويورك.
٢) بينما تستطيع بإمكانها الاجتماعي بناء أو إعادة بناء مئات مدن مثل نيويورك.
إننا نقرر الأمر الأول على أساس الأرقام التي قدمناها بخصوص الرصيد الذهبي الأمريكي، أما الأمر الثاني فإننا نقرره على أساس تجارب متنوعة، وبوجه خاص تجربة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
إن الشعب الألماني وجد نفسه بعد عام ١٩٤٥، في وضع يجعله يعود إلى الحياة من دون أي سلطان مالي، أو لا يعود إن كان المال هو الوسيلة الوحيدة لإعادة بناء وطن كثيف الصناعة، قد دمرته الحرب تدميراً شاملاً.
وإذا بنا نراه قد عاد، وأعاد بناء كل مدنه المدمرة وصناعاته الضخمة وكل نشاطه الاقتصادي، وذلك بما تبقى لديه من وسائل بسيطة تمثل الإمكان الاجتماعي في الظروف العصيبة، أو ظروف الشر على حد سواء.
وعليه وعلى أساس تجربة واقعية، تجربة ألمانيا، أو على أساس تقديم الرصيد المالي الأمريكي بالنسبة إلى إمكان إعادة بناء مدينة نيويورك، فرضاً، نرى - بالأرقام أو بما رأينا في ألمانيا- أن الإمكان الاجتماعي هو الذي يقرر مصير الشعوب والمجتمعات والدول.