والواجب، فلو اصطلحنا على المدلول العام للمفهومين أن (الواجب) هو ما نعطيه (مثلاً للمجتمع) وأن (الحق) هو ما نأخذه، وأنهما يمثلان على محور القيم الجبرية قيمتين مختلفتي العلاقة على طرفي الصفر، لو اصطلحنا على ذلك لجاءت صياغة العلاقة بينهما في صورة متراجحة هكذا:
واجب + حق <> صفر
ولا نتعدى حدود هذه العلاقة الجبرية الأخلاقية إذا نقلناها إلى مجال الاقتصاد، بعد اصطلاحنا أيضا على أن (الإنتاج) هو ما نعطيه للمجتمع وبأن الاستهلاك هو ما نأخذه، لتضم العلاقة الجبرية هاتين القيمتين الاقتصاديتين في صورة متراجحة ذات احتمالات ثلاثة كأي معادلة متراجحة:
إنتاج + استهلاك <> صفر
ويجدر بنا منذ الآن أن نلاحظ الترابط بين القيم الاقتصادية والأخلاقية، هذا الترابط الذي أهملته الرأسمالية في نظرتها الإباحية إلى الاقتصاد، بينما نرى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعطينا في قضية المتسول الذي أتى يسأل يوماً (لقمة عيش) كان من (حقه) أن يأخذها من المجتمع، بنص من القرآن الكريم في الزكاة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أدرى الناس بتطبيقه، كما كان - صلى الله عليه وسلم - أجود من الرياح السخية في الربيع لتقديم هذه اللقمة لمسكين جاء يطلبها.
ولكن أعمال الني - صلى الله عليه وسلم - تشريع أو عبرة لأمته، فأشار الرسول على من حوله من الصحابة رضوان الله عليهم بأن يجهزوا هذا الفقير ليحتطب، وأشار على الرجل بأن يحتطب ليأكل من عمل يده.
فإذا حللنا هذه الأبعاد الخلقية لهذه القصة، نرى كيف يحل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أزمة اجتماعية تعرض عليه صورة متسول من المساكين، فيفضل صلوات الله عليه