أسس موجودة في ألمانيا مفقودة في إندونيسيا، كما بيّنا.
فيجب أن نمضي خطوة أخرى في تصفية منطق القضية: إن كل وطن، مسلم أو غير مسلم، يستطيع حل بعض مشكلاته داخل حدوده، مثلاً كل ما يتعلق بالعدل والإدارة والأمن، كما يستطيع حل مشكلات أخرى في نطاق تنظيم جهوي، مثل إنتاج وتسويق البترول بالنسبة للدول العربية لو يتم اتفاقها بهذا الصدد، ثم هناك مشكلات لا تحل إلا على مستوى عالمي مثل قضية السلم، وتنسيق البريد إلخ.
فاتجاه الأوطان الأوربية نحو فكرة تأسيس السوق المشتركة الأوربية، ما هو إلا تقرير واقع، يمليه تطور العلاقات الاقتصادية في العالم، بعد تصفية الاستعمار، أي بعد أن فقدت الدول الأوربية، مثل فرنسا وإنجلترا وهولاندا، الرقعة التي كانت في إفريقيا أو آسيا، تكمل اقتصادها، فاتخذت هذه الدول اتجاه الاقتصاد التكاملي لمواجهة ضرورات داخلية وخارجية جديدة.
وإذا ماحللنا العوامل التي شجعت رؤساء دول أوربية، مثل الجنرال (دوغول) على احتضان فكرة السوق المشتركة، وعلى النضال في سبيلها على حساب بعض القيم التي كانت مقدسة قبل قرن، مثل الوطنية المفرطة ( Chauvinisme) فسنجد أن أوربا وجدت هذا التشجيع أولاً وقبل كل شيء في تراثها العتيد، أيام كان (شارلمان)، معاصر هارون الرشيد ينشئ على أساس العقيدة المسيحية الموحدة، ما يسمى (الامبراطورية المقدسة).
وبالتالي نرى كيف أن أوربا العلمانية المادية، لا تخشى في سبيل تنظيم اقتصادها تنظيماً جديداً أن تعود إلى عهدها القديم، إلى عالم مقدساتها لتعزيز عالم مصالحها المادية.
كذلك نرى أن الدول المتقدمة لا تخشى أن ترجع أحياناً خطوة إلى الوراء من