ومهما تكن من صعوبات في طريق إنشاء حلقة اقتصادية كاملة، عربية في خطوة أولى, إسلامية بالتالى، فيكون تحقيقها أحسن دليل على الاعتدال في التفكير وفي التطبيق، على نحو مما كان يشير إليه (خروثوف) في قوله: "إن أحسن دليل على صحة أفكارنا لهو نجاحنا الاقتصادي"، على شرط أن نغير في هذا الحكم كلمة (صحة) بكلمة (صلاحية).
ففي نطاق هذه الأفكار التي تخضع إلى تطبيق اجتماعي فالنتائج لا تترتب على (صحة) الأفكار المطبقة بقدر ما تترتب على (صلاحيتها).
فحتى الشيوعية قد يكون لها آثار اجتماعية أعمق من أفكار هي أكثر صحة منها إذا أسيء تطبيقها، فإذا استطاعت أن تؤسس في الاتحاد السوفييتي حلقة اقتصادية تستطيع الانغلاق على نفسها، بينما لا نرى العالم الإسلامي يسعى إلى تحقيق اقتصاد تكاملي، فلا يعني هذا إلا أن الشيوعيين يطبقون الفكرة الماركسية بجدية أكثر مما يطبق المسلمون إسلامهم.
فالنتائج خصوصاً في الحقل الاقتصادي، تتحقق على أساس عوامل اجتاعية صرفة تضفي على الأفكار المطبقة أكثر أو أقل صلاحية.
وحسبنا أن نقول إن الأسباب التي تطبع سلوك المسلمين لتكون أفكارهم أقل فعالية في الحقل الاقتصادي من أفكار غيرهم، نقول إنها أسباب مرحلية، أعني ملازمة للمرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع الإسلامي اليوم.
وعلى المسلمين أن يتخلصوا منها في أوجز مدة ممكنة، بالطرق التي يفرضها عصر تسريع التاريخ، وهذا يعني، في مجال الاقتصاد، أن يوحدوا إمكانياتهم وحاجاتهم حتى يحققوا في أسرع ما يمكن شروط الاكتفاء الذاتي ( Lantarcie) أي الحلقة الاقتصادية التي تستطيع الانغلاق على نفسها، إذا ما اقتضت الضرورات الداخلية والخارجية ذلك.